ففتحته إعراب كالفتحة في زيد عندك؛ وذلك لأن مخالفة الخبر للمبتدأ تقتضي عندهم نصبه، وأحسن إنما هو في المعنى وصف لزيد لا لضمير ما، وزيد عندهم مشبه بالمفعول به. وأما الصيغة الثانية فأجمعوا على فعلية أفعل ثم اختلفوا؛ فقال البصريون: لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر وهو في الأصل ماض على صيغة أفعل بمعنى صار ذا كذا. كأغد البعير إذا صار ذا غدة، ثم غيرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صورة المفعول به كامرر بزيد، ولذلك التزمت، بخلافها في
ــ
قوله:"شدن" من شدن الظبي بالشين المعجمة والدال المهملة أي: قوي وطلع قرناه واستغنى عن أمه. ولنا صفة ثانية لغزلانا وتمام البيت:
من هؤليّائكن الضال والسمر
الضال بضاد معجمة فألف فلام مخففة شجر السدر البري الواحدة ضالة. والسمر بفتح السين المهملة وضم الميم شجر الطلح بحاء مهملة كما في كتب اللغة لا بالعين كما حرفه البعض, الواحدة سمرة ويجمع أيضًا على سمرات. قوله:"ففتحته إعراب" نقل عن بعض الكوفيين أن فتحته بنائية لتضمنه التعجب الذي هو معنى حقه أن يؤدي بالحرف. وردّ بأن المؤدي لمعنى التعجب الجملة بتمامها لا أفعل, وحينئذٍ فقول الشارح بقية الكوفيين أي: غالب بقيتهم. قوله:"وذلك" أي: كون فتحته فتحة إعراب مع كونه خبرًا. قوله:"تقتضي عندهم نصبه" فعامل النصب عندهم المخالفة. قوله:"وأحسن إنما هو إلخ" بيان للمخالفة هنا وفيه تنبيه على أن مخالفة الخبر للمبتدأ كونه ليس وصفًا للمبتدأ في المعنى كما في زيد عندك وما أحسن زيدًا. ومقتضاه النصب عندهم في نحو: زيد أفضل أبًا، وفسرها في التصريح بأن يكون الخبر بحيث لا يحمل على المبتدأ لا حقيقة ولا حكمًا. قوله:"وصف لزيد لا لضمير ما" فيه إشارة إلى أن معنى أحسن عندهم فائق في الحسن لا صير زيدًا حسنًا كما هو على مذهب البصريين إذ التصيير صفة لضمير ما لا لزيد فتأمل. قوله:"مشبه بالمفعول به" لوقوعه بعد ما يشبه الفعل في الصورة.
قوله:"على فعلية أفعل" أي: فيها فحصل الربط. وإنما أجمعوا على فعلية أفعل؛ لأن صيغته لا تكون إلا لفعل وأما أصبع فنادر قاله المصرح. قوله:"لفظه لفظ الأمر" على هذا هو مبني على السكون أو حذف حرف العلة كالأمر نظرًا لصورته أو على فتحة مقدرة منع من ظهورها مجيئه على صورة الأمر نظرًا للمعنى. قوله:"ومعناه الخبر" أي: في الأصل وإلا فالجملة بتمامها نقلت إلى إنشاء التعجب أو مراده بالخبر ما قابل الطلب فيشمل الإنشاء غير الطلب. قوله:"وهو في الأصل ماض إلخ" فأصل أحسن بزيد أحسن زيد أي: صار ذا حسن فهمزته للصيرورة. قوله:"ثم غيرت الصيغة" أي: عند نقلها إلى إنشاء التعجب ليوافق اللفظ في التغيير, تغيير المعنى من الإخبار
ــ
= ولعلي بن محمد المغربي في خزاة الأدب ٩/ ٣٦٣ وبلا نسبة في أسرار العربية ص١١٥؛ والإنصاف ١/ ١٢٧؛ وخزانة الأدب ١/ ٢٣٧، ٥/ ٢٣٣؛ وشرح شافية ابن الحاجب ١/ ١٩٠؛ وشرح المفصل ٥/ ١٣٥؛ ومغني اللبيب ٢/ ٦٨٢؛ وهمع الهوامع ١/ ٧٦، ٢/ ١٩١.