أصل في التمكن كأول، أو شابهت المعرب كالماضي فإنه أشبه المضارع في وقوعه صفة وصلة وحالًا وخبرًا كما تقدم. وأسباب البناء على الفتح: طلب الخفة كأين، ومجاورة الألف كأيان، وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم مفعول. والفرق بين معنيين بأداة واحدة نحو يا لزيد لعمرو، والاتباع نحو كيف بنيت على الفتح اتباعًا لحركة الكاف؛ لأن الياء بينهما ساكنة والساكن حاجز غير حصين. وأسباب البناء على الكسر:
التقاء الساكنين كأمس. ومجانسة العمل كباء الجر، والحمل على المقابل كلام الأمر
ــ
بها يصلح سببًا باعثًا له ولو مع الذهول عن كون الكلمة على حرف واحد كما أن كون الكلمة على حرف واحد يصلح سببًا لبنائها على حركة وإن لم تكن عرضة لأن يبتدأ بها كتاء الفاعل، هكذا ينبغي تقرير الاعتراض والجواب. قوله:"أولها أصل في التمكن" أي حالة في التمكن أي أنها تعرب في بعض الأحوال وليس المراد أنها متمكنة أصالة حتى يعترض بمنافاته حكمهم بأن المبني غير متمكن. قوله:"كأول" أي إذا حذف ما تضاف إليه ونوى معناه كابدأ بذا من أول بالضم. قوله:"أو شابهت المعرب كالماضي" لأن بناءها على الحركة أقرب إلى الإعراب من بنائها على السكون.
قوله:"يا مضار" أي على لغة من ينتظر. ونظر فيه الشنواني بأن هذه الفتحة ليست فتحة البناء التي الكلام فيها بل هي فتحة بنية. وحركة البناء على هذه اللغة إنما هي الضمة على الحرف المحذوف للترخيم وكذا يقال في الموضعين الآتيين. قوله:"والفرق بين معنيين" أي كالمستغاث به والمستغاث له في المثال المذكور. وقوله بأداة واحدة متعلق بمحذوف صفة لمعنيين أي منبه عليهما بأداة واحدة لا ظرف لغو متعلق بالفرق لأن الفرق باختلاف الحركة لا بالأداة الواحدة. قوله:"نحو يا لزيد لعمرو" بفتح لام المستغاث به للفرق بينها وبين لام المستغاث له. وأورد عليه أن الفرق يحصل بالعكس. وأجيب بأن المراد الفرق المصحوب بالمناسبة وهي هنا أن المستغاث منادى والمنادى كضمير المخاطب واللام الداخلة عليه مفتوحة. قوله:"نحو كيف" إن قلت لم مثل للفتح اتباعًا بكيف وللفتح تخفيفًا بأين مع أنه يصح العكس وكون الفتح في كل للأمرين معًا لأن الأسباب قد تتعدد. أجيب بأن وجه ما صنعه أن الهمزة لما كانت ثقيلة ناسب أن يمثل بأين لطلب الخفة بخلاف الكاف فإنها خفيفة فناسب أن يمثل بكيف للاتباع. قوله:"التقاء الساكنين" فيه أن التقاء الساكنين إنما هو سبب البناء على حركة والمعدود من أسباب الكسر كونه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين لأن الكسرة لا تلتبس. بحركة الإعراب إذ لا تكون حركة إعراب إلا مع التنوين أو أل أو الإضافة قاله يس. وعبارة الدماميني على المغني قالوا وإنما كان الأصل في ذلك الكسر لأن الجزم في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء وأصل الجزم السكون فلما ثبت بينهما التعارض وامتنع السكون في بعض المواضع جعلوا الكسر عوضًا عنه. ا. هـ.
فائدة: الساكنان يلتقيان في الوقف مطلقًا سواء كان الأول حرف لين أم لا، ولا يلتقيان في