للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِثْلُ نِعْم حبَّذَا الفاعِل ذا ... وأَنْ تُرِدْ ذَمًّا فقُل لا حَبَّذا

ــ

العرب شذت في ثلاثة ألفاظ فلم تحولها إلى فعل, بل استعملتها استعمال نعم وبئس من غير تحويل, وهي: علم وجهل وسمع ا. هـ. "ومثل نعم" في المعنى حب من "حبذا" وتزيد عليها بأنها تشعر بأن الممدوح محبوب وقريب من النفس. قال في شرح التسهيل. والصحيح أن حب فعل يقصد به المحبة والمدح، وجعل فاعله ذا ليدل على الحضور في القلب، وقد أشار إلى ذلك بقوله "الفاعل ذا" أي: فاعل حب هو لفظ ذا على المختار. وظاهر مذهب سيبويه, قال ابن خروف: بعد أن مثل بحبذا زيد حب فعل وذا فاعلها وزيد مبتدأ وخبره حبذا هذا قول سيبويه, وأخطأ عليه من زعم غير ذلك.

تنبيه: في قوله الفاعل ذا تعريض بالرد على القائلين بتركيب حب مع ذا، ولهم فيه مذهبان: قيل غلبت الفعلية لتقدم الفعل فصار الجميع فعلًا وما بعده فاعل، وقيل غلبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسمًا مبتدأ وما بعده خبر وهو مذهب المبرد وابن السراج ووافقهما ابن عصفور, ونسبه إلى سيبويه. وأجاز بعضهم كون حبذا خبرًا مقدمًا "وإنْ

ــ

"في المعنى" أي: إنشاء المدح العام أي: وفي الفعلية على الأصح والمضي والنقل إلى الإنشاء والجمود وتفارقها في أنها لا يجوز في لفظها إلا هيئة واحدة, وفي جواز دخول لا عليها ودخول يا عليها من غير شذوذ بخلاف نعم وإن احتيج إلى التأويل في المحلين ا. هـ. يس. قوله: "حب من حبذا" أشار به إلى أن في عبارة المصنف مسامحة؛ لأن المماثل لنعم حب فقط لا حبذا وإنما ارتكبها اتكالًا على وضوح الحال بقوله الفاعل ذا, وأما قول البعض تبعًا لشيخنا إنما ارتكبها إشارة إلى أن مماثلتها نعم إذا اتصلت بذا فيرده أنها تماثل نعم في نحو: حب رجلًا زيد مما قصد به إنشاء المدح والتعجب, وإن لم تتصل ذا بحب كما مر فتدبر. قوله: "وقريب من النفس" مفاده استفادة القرب من حب لاستلزام الحب له, وهذا لا ينافي استفادته من ذا أيضًا حتى يعارض ما سينقله عن شرح التسهيل. قوله: "على الحضور" أي: حضور معناه لكونه محبوبًا. قوله: "الفاعل ذا" هو كفاعل نعم لا يجوز اتباعه فإذا وقع بعده اسم فهو مخصوص لا تابع لاسم الإشارة سم. قوله: "وزيد مبتدأ" أي: لأنه المخصوص كما علمت والرابط ذا أو العموم إن أريد به الجنس سم. قوله: "هذا" أي: ما ذكر من أن حب فعل وذا فاعلها وزيد مبتدأ خبره حبذا.

قوله: "وأخطأ عليه" عداه بعلى لتضمينه معنى كذب, هكذا قال البعض وفيه من إساءة الأدب مع ابن عصفور ما لا يخفى, فالذي ينبغي أنه ضمنه معنى جار مثلًا, وقوله من زعم هو ابن عصفور كما سيأتي في الشرح. قوله: "فصار الجميع فعلًا" ضعف بأنه يلزم عليه تغليب أضعف الجزأين, وبأن تركيب فعل من فعل واسم لا نظير له. قوله: "فصار الجميع اسمًا" أي: بمنزلة قولك المحبوب ا. هـ. دماميني. وضعف بأن حبذا لو كان اسمًا لوجب تكرار لا إن أهملت لا نحو: لا حبذا زيد ولا عمرو وعمل لا في معرفة إن أعملت عمل إن أو ليس وبقي وجه آخر وهو كون حب فعلًا والاسم الظاهر فاعله وذا ملغاة. قوله: "وأجاز بعضهم" أي: بعض القائلين بأن حبذا اسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>