ومَا بِهِ إلى تَعَجُّبٍ وُصِل ... لِمَانِع بِهِ إلى التَّفْضِيلِ صِل
ــ
ديك، وأشغل من ذات النحيين، وأعني بحاجتك. وفيه ما تقدم عن التسهيل في فعلي التعجب "وما به إلى تعجب وصل لمانع" من أشد وما جرى مجراه "به إلى التفضيل صل" عند مانع صوغه من الفعل، لكن أشد ونحوه في التعجب فعل وهنا اسم وينصب هنا
ــ
من أن شغل مما لزم البناء للمفعول غير مسلم. والنحيين تثنية نحى بكسر النون وسكون الحاء المهملة زق السمن. وذات النحيين امرأة من تيم الله بن ثعلبة كانت تبيع السمن في الجاهلية, فأتى خوات بن جبير الأنصاري قبل إسلامه فساومها فحلت نحيًا, فقال لها: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره, ثم حل الآخر, وقال لها: أمسكيه فلما شغل يديها حاورها حتى قضى منها ما أراد وهرب ثم أسلم وشهد بدرًا رضي الله تعالى عنه.
قوله: "وأعني بحاجتك" سمع فيه عني كرضي بالبناء للفاعل ولا شذوذ عليه إلا أن يقال ما مر. قوله: "وفيه ما تقدم عن التسهيل" أي: من أنه قد يبنى فعلا التعجب من فعل المفعول إن أمن اللبس وعليه فيبنى منه أفعل التفضيل إن أمن اللبس. قوله: "وما به إلخ" يستثنى من ذلك فاقد الصوغ للفاعل وفاقد الإثبات فإن أشد يأتي هناك ولا يأتي هنا؛ لأن المؤول بالمصدر معرفة والتمييز واجب التنكير كما نبه عليه الموضح, والظاهر أنه لا استثناء عند من يجوز تعريف التمييز من الكوفيين, على أنه كما قال اسم يتأتى التوصل بنحو: أشد إلى التفضيل من المبني للمفعول الذي لا لبس فيه بالمبني للفاعل لصحة الإتيان بالمصدر الصريح حينئذٍ على أنه مصدر المبني للمفعول, وإن كان بصورة مصدر المبني للفاعل, ومن فاقد الإثبات إذا أضيف العدم أو الانتفاء إلى المصدر الصريح كما مر في التعجب. واعلم أن في قول المصنف وما به إلخ تقديم نائب الفاعل على الفعل وهو جائز في الضرورة, كتقديم الفاعل بل أولى كما أسلفناه في باب الفاعل, بل لا يبعد عندي جواز تقديم نائب الفاعل اختيارًا إذا كان ظرفًا أو مجرورًا لعدم علة منع التقديم, وهي التباس الجملة الفعلية بالاسمية كما قدمناه في باب نائب الفاعل, ومثل ذلك يقال في نحو قوله في باب التصغير:
وما به لمنتهى الجمع وصل
إلخ فكن على بصيرة. قوله: "به إلى التفضيل صل" قال الدماميني: ههنا بحث وهو أن أفعل التفضيل يقتضي اشتراك المفضل والمفضل عليه في أصل الحدث وزيادة المفضل على المفضل عليه فيه؛ فيلزم في كل صورة توصل فيها بأشد أن تكون الشدة موجودة في الطرفين وزائدة في طرف المفضل, وهذا قيد يتخلف باعتبار القصد فإنك قد تقصد اشتراك زيد وعمرو في الاستخراج مثلًا لا في شدته, وأن استخراج زيد شديد بالنسبة إلى استخراج عمرو, ولا أشد فكيف يتأتى التوصل في مثل ذلك بأشد مع دلالته على خلاف المقصود ا. هـ. قوله: "لكن أشد إلخ" دفع بالاستدراك توهم تساوي المنصوبين بعد أشد هنا وفي التعجب, وإن لم توهمه عبارة المصنف. قوله: "وينصب هنا إلخ" أخذه من قول المصنف في باب التمييز:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا