تنبيه: يرد أفعل التفضيل عاريًا عن معنى التفضيل نحو: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ}
ــ
يجب كونه بعض ما أضيف إليه وقوله. ويمتنع إن قصد أحسن منهم أي: لكون المنوي فيه معنى من يجب أن يكون بعض ما أضيف إليه, وأفعل هنا ليس بعض ما أضيف إليه, وإلا لزم إضافة الشيء إلى نفسه في إخوته. فلو قيل:
يوسف أحسن الإخوة صح لتحقق الشرط؛ لأن يوسف أحد الإخوة.
قوله:"يرد أفعل التفضيل إلخ" أعاده مع علمه مما قدمه توطئة لذكر الخلاف فيه وذكر أمثلة له غير ما تقدم. وعبارة التسهيل واستعماله أي: استعمال أفعل التفضيل عاريًا من الإضافة والألف واللام دون من مجردًا عن معنى التفضيل مؤولًا باسم فاعل نحو: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ}[النجم: ٣٢] ، أي: عالم أو صفة مشبهة نحو: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}[الروم: ٢٧] ، أي: هين مطرد عند أبي العباس المبرد لكثرة الوارد منه والأصح قصره على السماع ولزومه الإفراد والتذكير فيما ورد كذلك أكثر من المطابقة ا. هـ. مع إيضاح من الدماميني, ومنها يؤخذ أن محل الخلاف وجواز المطابقة وتركها هو المجرد من أل والإضافة فلا ينافي ما مر, وحينئذٍ كان المناسب للشارح ترك التمثيل بقوله فشركما إلخ؛ لأنه مضاف وأن محل وروده كذلك إذا لم يقترن بمن فالمقترن بمن لا يصح تجريده عن معنى التفضيل أصلًا لا قياسًا ولا سماعًا؛ لأن من هذه هي الجارة للمفضول. قاله الدماميني, ولا يرد عليه قولهم في التهكم:
أنت أعلم من الحمار, ولا قولهم: العسل أحلى من الخل؛ لحصول لمشاركة التقديرية.
وصرح في التسهيل بأن محل عدم تجرد أفعل المقرون بمن في غير التهكم وأن المفضل عليه في التهكم يرد بدون مشاركة المفضل تحقيقًا وتقديرًا نحو: أنت أعلم من الحمار, والأوجه ما قدمناه من تقدير المشاركة في التهكم أيضًا. وقال الدماميني أيضًا: وههنا تنبيهان: الأول قال في الكشاف من وجيز كلامهم الصيف أحر من الشتاء أي: الصيف أبلغ في حره من الشتاء في برده هذا نصه وعلى هذا يؤول قولهم العسل أحلى من الخل ونحوه. وتحرير هذا الموضع أن يقال لأفعل أربع حالات: إحداها وهي الحالة الأصلية أن يدل على ثلاثة أمور: أحدها اتصاف من هو له بالحدث الذي اشتق منه وبهذا الأمر كان وصفًا. والثاني مشاركة مصحوبه له في تلك الصفة. والثالث تمييز موصوفه على مصحوبه فيها وبكل من هذين الأمرين فارق غيره من الصفات. الحالة الثانية أن يخلع عنه ما امتاز به عن الصفات ويتجرد للمعنى الوصفي. الحالة الثالثة أن تبقى عليه أموره الثلاثة, ولكن يخلع عنه قيد الأمر الثاني ويخلفه قيد آخر, وذلك أن الأمر الثاني وهو الاشتراك كان مقيدًا بتلك الصفة فصار مقيدًا بالزيادة، ألا ترى أن المعنى في المثال أن للعسل حلاوة وأن تلك الحلاوة زائدة, وأن زيادتها أكثر من زيادة حموضة الخل. الحالة الرابعة أن يخلع عنه الأمر الثاني وقيد الأمر الثالث وهو كون الزيادة على مصحوبه فتكون دلالته على الاتصاف بالحدث