وهذا إذا لم يعاقب فعلًا أي: لم يحسن أن يقع موقعه فعل بمعناه "ومتى عاقب فعلًا فكثيرًا" رفعه الظاهر "ثبتا" وذلك إذا سبقه نفي وكان مرفوعه أجنبيا مفضلًا على نفسه باعتبارين، نحو: ما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد، فإنه يجوز أن
ــ
سيأتي, يعني فلما ضعف بعدم قبول العلامات في بعض أحواله انحطت رتبته في جميعها, فلم يعمل في الاسم الظاهر إلا بالشروط الآتية. قوله:"لا يؤنث إلخ" بهذا فارق الصفة المشبهة, فإنها تؤنث وتثنى وتجمع؛ فلهذا عملت في الظاهر كثيرًا وإن لم يكن لها فعل بمعناها وهو الثبوت. قوله:"إذا لم يعاقب فعلًا" جارى فيه الناظم وإلا فالأحسن إسناد المعاقبة إلى الفعل, كما يشير إليه قول الشارح أي: لم يحسن إلخ فعلم أن قوله أي: لم يحسن إلخ تفسير باللازم فتفطن.
قوله:"إذا سبقه نفي إلخ" زاد غيره قيدًا وهو أن يكون أفعل صفة لاسم جنس ليكون معتمدًا عليه, ولم يكف النفي كما في اسم الفاعل؛ لأنه لم يقو قوته ولهذا لا ينصب المفعول به بخلاف اسم الفاعل, وإنما اشترط سبق النفي ليكون أفعل التفضيل بمعنى الفعل فيعمل عمله؛ وذلك لأن النفي إذا دخل على أفعل توجه إلى قيده وهو الزيادة فيزيلها فيبقى أصل حسن كحل عين رجل مقيسًا إلى حسن كحل عين زيد إما بأن يساويه أو يكون دونه, ومقام المدح يأبى المساواة فيرجع المعنى إلى أن حسن الكحل في عين رجل دون حسنه في عين زيد أفاده الجامي، وأورد عليه أنه لو كان زوال الزيادة بالنفي مجوّزًا لعمل اسم التفضيل في ظاهر لجاز العمل في نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه. وأجيب بالفرق بينه وبين مثال الكحل بأن اسم التفضيل في مثال الكحل خالف الأصل, وهو تغاير المفضل والمفضل عليه ذاتًا لاتحادهما فيه ذاتًا فحصل في معناه التفضيليّ ضعف يقتضي أنه إذا زال بالنفي لم يبق لأفعل قوة اقتضاء حكمه وهو امتناع عمله في الظاهر بخلاف نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه فإنه لا ضعف في معناه التفضيلي لاختلاف المفضل والمفضل عليه ذاتًا, فله قوة اقتضاء حكمه, وقيل إنما اشترط تقدم النفي ليقوى طلب الموصوف الصفة المقتضي ذلك لقوتها في العمل؛ وذلك لأن طلب النكرة للمخصص في الإثبات دون طلبها له في النفي؛ لأنه في الإثبات لزيادة الفائدة وفي النفي لصون الكلام عن كونه كذبًا, فإنك إذا قلت: ما رأيت رجلًا, كان صدق الكلام موقوفًا على تخصيص الرجل بأمر يمكن أنه لم يحصل لمن رأيته من الرجال بخلاف رأيت رجلًا, وفي هذا أيضًا ما تقدم إيرادًا وجوابًا. قوله:"وكان مرفوعه أجنبيًا" أي: غير ملابس لضمير الموصوف بخلاف نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه فالمراد نفي كونه سببيًا بهذا المعنى فلا ينافي اشتراط ابن الحاجب كونه سببيا بمعنى أن للموصوف به تعلقًا ما كما في المثال قاله سم, واعترض البعض على الشارح بأن هذا القيد مستغنى عنه بقوله مفضلًا على نفسه باعتبارين لما علمت من أن المفضل والمفضل عليه في نحو: ما رأيت رجلًا أحسن منه أبوه مختلفان بالذات وفيه أن الاعتراض بإغناء المتأخر عن المتقدم غير ناهض.
قوله:"مفضلًا على نفسه باعتبارين" كان ينبغي أن يقول باعتبار آخر؛ لأن التفضيل أي