للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويوزعها على وجه العموم على استعمالات مختلفة. فالكلمتان الفرنسيتان chaire "كرسي" "ولكنها تقال لكرسي الأستاذية أو كرسي الخطيب ... إلخ" و chaise "كرسي"؛ أو sieur "سيد "للاستعمال العادي" و seigneur "سيد" "تطلق على النبلاء أو على من لهم أتباع، أو من يعطي لهم لقب السيادة من جهة رسمية" ليس لهما نفس القيمة. ذلك بأن الحياة تشجع على تغير المفردات لأنها تضاعف الأسباب التي تؤثر في الكلمات. فالعلاقات الاجتماعية والصناعات والعدد المتنوعة تعمل على تغير المفردات وتقضي على الكلمات القديمة أو تحور معناها وتتطلب خلق كلمات جديدة. ونشاط الذهن يستدعى دائما للعمل في المفردات. وبالاختصار فإن الأسباب التي تؤدي إلى تغير الظواهر ليست في أية مادة أكثر تعقيدا ولا عددا ولا تنوعا منها هنا.

لا تكاد تفكر في تغير المفردات حتى يتجه ذهننا في التو إلى حياة الكلمات "la vie des mots" وإلى الكتاب الصغير الذي كتبه أرسين درمستتير Arsene Darmsteter بهذا العنوان١. ولكن العنوان ليس أحسن ما في هذا الكتاب. هذا الكتاب. فعبارة حياة الكلمات نفسها عبارة موقعة في اللبس وكثيرا ما أدت إلى تفسيرات لو سمعها دار مستتير لما فاته أن يحتج عليها. إذ لا يعقل أن تعتبر الكلمة اعتبار الكائن الحي. فالشبه بينهما ظاهري فقط. لأن الكلمات لا تولد وتموت على الصورة التي بها يولد الإنسان ويموت. فقد نستطيع استثناء أن نعين السنة التي فيها دخلت في الاستعمال كلمة لم تكن معروفة حتى هذا العهد؛ مثلا كلمة chandail يرجع ظهورها إلى عام ١٨٩٤م٢؛ ويعزى خلق كلمة pudeur "حياء" إلى الشاعر ديبورت Desportes٣, وكلمة bienfaisance "إحسان" إلى الأب


١ رقم ٦٢.
٢ كليدا cledat رقم ٥٩، الطبعة الرابعة ص١١٧.
٣ فوجلا Vaugelas؛ Remarques sur la langue francaise, ملاحظة رقم ٥٢٧، طبعة سنة ١٧٣٨، مجلد ٣، ص٣٤٨. ويلاحظ أن كلمة pudeur مما استعمله منتي Montaigne, و Essais، ٢/ ١٥ و٣/ ٥".

<<  <   >  >>