للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك بأن الكلمة التي وفدت علينا من إنجلترا ليست هي الكلمة الفرنسية القديمة fLEURETTE "زهيرة" وإنما جاءتنا كلمة إنجليزية FLIRT "مغازلة" أدخلناها في لغتنا الحديثة. وليست كلمة BOGETE "كيس صغير" القديمة هي التي استرجعناها في صيغة BUDGET "ميزانية" وإنما جاءتنا كلمة مخالفة، كلمة أجنبية، كلمة تدل، فضلا عن ذلك، على شيء آخر غير ما تدل عليه الأولى.

ومع ذلك فعلم الاشتقاق الذي يقص أثر الكلمات في خلال العصور والأقطار ذو فائدة عظمى. نعم من المتفق عليه أن الكلمات لا تحيا حياة مستقلة، ولا وجود لها إلا في ذهن بني الإنسان. ولكن هذا النشاط الذهني الذي لا يكف عن العمل ينعكس في المفردات. فلنعب الغلطة التي تؤدي إلى أخذ الصورة المنعكسة في المرآة على أنها شخص حي، لأن الصورة لا حياة لها. ولكن هذا لا يطعن في أن المرآة تقدم لنا بأمانة تامة سلسلة الحركات التي نعملها أمامها. ومن المسموح به أن نحكم على هذه الصورة أو أن نفسرها على نحو ما نحكم على الشخص الذي يعكسها تماما. وهذا التعليل الساذج يكفي لتبرير قيمة النتائج التي يمكن أن ننتظرها من الاشتقاق.

ومع ذلك فهناك شرط لا بد منه. ذلك أن الاشتقاق لا يعتبر عمله منتهيا عندما ينجح بقوة الصبر في أن يقرر تاريخ بضع كلمات قد أخذت على انفراد. اشتقاق الألفاظ منفردة لا فائدة منه في حد ذاته، فالحالة الخاصة، مهما ثبتت علميا ليست إلا ملهاة يتسلى بها إذا لم يستخرج منها مبدأ عام يستطاع تطبيقه على حالات أخرى. ونحن نعلم أنه يوجد من بين الاشتقاقات حالات كثيرة لا تؤدي إلى نتائج عامة. فلا يهمنا كثيرا أن تكون كلمة الـECHALOTE "نوع من البصل" مأخوذة من اسم مدينة عسقلان Ascalon, أو أن hussard "جندي من الفرسان" مأخوذة من اسم العدد "عشرين" بالمجرية، أو أن ليون lyon معناها مدينة الإله لوج "lug" فذلك يمكن أن يفيد منه من يدرس زراعة الخضار أو المؤسسات الحربية أو الأساطير الكلتية، ولكنه لا يفيد العالم اللغوي في شيء, فالعالم اللغوي

<<  <   >  >>