للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيظهر لنا أثر التنظير الاجتماعي في تطوير اللغات، أو مؤرخ فيصنف اللغات في أسر ويحدد توزيعها الجغرافي كل واحد من هؤلاء العلماء يستطيع أن يكتب كتابا يدخل في علم اللغة ولو أن يقظة البدء التي صدر عنها توجد خارج هذا العلم والنتائج التي يصل إليها تمتد حتى تخرج من حدوده.

وأما مؤلف هذا الكتاب، وهو عالم لغوي بحكم مهنته، فقد أراد أن يحصر مجهوده في ميدان العلم اللغوي وحده دون سواه، فاتخذ من الواقع اللغوي كما تمدنا به الخبرة نقطة الارتكاز التي صدر عنها. فمن تحليل الواقع اللغوي استخرج خطة كتابه. وعلماء اللغة يميزون فيها ثلاثة عناصر مختلفة: الأصوات والنحو والمفردات. ومن هنا قصر الأجزاء الثلاثة الأولى من الكتاب على دراسة هذه العناصر الثلاثة على التوالي، وهي دراسة تعنى في نفس الوقت بحالة اللغة الراهنة كما هي من جهة، كما تعنى بحالتها التطورية من جهة أخرى. وقد قصد بها استخلاص أسباب التغير من الوقائع اللغوية التي تنطوي عليها، والتمهيد للجزء الرابع الذي يتناول موضوعه دراسة اللغات، فهو يعالج على الترتيب تعريف اللغات وأنواع اللغات المختلفة والأثر الذي تحدثه بعضها في بعض، وأخيرا القرابة اللغوية. فتسلسل الكتاب يقوم إذن على الانتقال من البسيط إلى المعقد. فالواقع أن الأصوات أبسط من الكلمات ومن المجمل التي منها تتكون اللغات. وينجم عن هذا الترتيب أن كانت الفصول الأولى، وهي أكثر فصول الكتاب إيغالا في الفنية، أشد الفصول جفافا. وعلى العكس من ذلك فإن الفصول الأخيرة تقدم للقارئ الذي لم تثبط الفصول الأولى همته آفاقا أكثر تنوعا واتساعا. أما الجزء الخامس، وهو أشبه ما يكون بالملحق، فخاص بالكتابة وأخيرا يحيط بالكتاب فصلان: فصل تمهيدي وفيه تعرض مسألة أصل اللغة، وفصل ختامي وفيه تناقش مسألة تقدم اللغة.

وهكذا تتراص جميع التفرعات التي يتكون منها هذا الكتاب حول الواقع اللغوي باعتباره مركزا لها. ومع أن مادة هذا الكتاب شديدة التنوع وكثيرا

<<  <   >  >>