للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسة مضنية، ولكنها تستحق ما ينفق فيها من عناء. بل من الممكن ألا نخرج منها بنتيجة محددة وأن نصل في النهاية إلى أن نكشف عند جميع الشعوب اتجاهات سيكولوجية واحدة على وجه التقريب، هي ميول العقل الإنساني نفسه. ولكن قد نصل أيضا إلى إقامة بعض الحدود وتحديد بعض دقيق الفروق. فأغلب الظن مثلا أن تكشف لنا المفردات الإنجليزية عن احترامهم للأشياء الدينية وللأشخاص الذين كرسوا للدين أنفسهم أكثر مما نجد منها في مفردات الفرنسية. وقد تطلعنا هذه الدراسة على بعض الفروق بين الألمانيين والفرنسيين. فكلاهما مثلا في حديثه العائلي يألف إطلاق أسماء بعض الحيوانات على الأشخاص، ولكن الفرنسي يخلط بهذا الاستعمال عاطفة من السخرية والاحتقار، أو القذف. أما الألماني -وهو أكثر عاطفية من صاحبه- فيفضل أن يلونها بلون من العطف. فالمحامي هلمر Helmer من أبطال رواية لإبسن Ibsen يبدو للفرنسي مضحكا، إذ ينادي امرأته كل حين بالعصفورة أو بالسنجاب. ولكن هذه الألفاظ التي تدل على الملاطفة لا تعد جارحة في اللغة الإسكنديناوية ولا في اللغة الألمانية.

وعلى العكس من ذلك، يميل الفرنسي إلى أن يربط أفكارا مخزية أو فاحشة بالأسماء التي تدل على أشخاص من الجنس اللطيف, وقد أصيبت برشاش هذا الانحراف أسماء الأعلام Jeanneton, Goton, Catin والأسماء المشتركة garce و gouge و donzelle و Fille "تدل في الأصل على معنى بنت أو امرأة، والآن أصبحت من الشتائم المقذعة", ولن تلبث كلمة demoiselle "آنسة" أن تصاب بما أصيبت به سابقاتها.

إن أعنف الكلمات التي يتأتى للغضب أو البغض أن يستخدمها، قد تستعمل أحيانا في الملاطفة، فتستخدم استخدام عبارات المداعبة اللطيفة البريئة من كل احتقار أو ملام. فمن المألوف أن يدعى الطفل polisson "فاجر" أو petit coquin "الخبيث الصغير" ويوصف الصديق بأنه bon bougre "المعتوه الطيب" أو Vieille canaille "الوغد العجوز" كذلك الكلمات luder أو Schelm في الألمانية و ctverak في التشيكية يمكن أن تقال على سبيل

<<  <   >  >>