كتاب اللغة

المقدمات - تصدير: اللغة وأداة التفكير - ص: 2

تلعبه على وجه الدقة؟ ما هو النصيب الذي تقوم به في التطور العقلي؟ ما هي صلات الفرد بالجماعة فيما يختص بإنتاج هذه الأداة القيمة وإكمالها؟ هذه هي الأسئلة التي يجيب عنها المجلد الذي بين أيدينا.

الغرض الذي قصدنا إليه كان ممكن التحقيق بصور شتى. فلو أن هذا الكتاب كان من وضع عالم سيكولوجي أو مؤرخ يهوى المباحث اللغوية، لكان من الممكن إلحاقه بالدعاوي التي قدمها مشروع "L' Evolution de l' Humanite" "تطور البشرية" في صورة أحكم وأظهر مما هو عليها. ولكنه عمل عالم لغوي، وهذا العالم اللغوي يتعلق بالوقائع ويتحرز من النظريات؛ لقد أتيحت له الفرصة من قبل١ ليعلن عن ذلك، وها هو ذا يقول هنا أيضا نفس القول. إنه إنما يقدم لنا، ولا يريد أن يقدم لنا إلا دراسة فنية لتلك الآلة المعقدة المرنة، ألا وهي اللغة في تنوع أشكالها وتطوراتها التاريخية. وتتصل بالضرورة بهذه الدراسة للمسائل التي تثيرها اللغة وتعنى التاريخ التأليفي، ولو أنها لا تبحث فيها عمدا لذاتها لأن الأستاذ فندريس Vendryes لا يريد أن يكون إلا عالما لغويا فحسب.

ونعتقد ان في معاونة هذا الأخصائي لنا -وهو مع ذلك أخصائي واسع الأفق- خير ضمان لعلم التاريخ كما نفهمه. فتجربتنا في الأجزاء السابقة من سلسلة "تطور البشرية" قد برهنت على ضمان النجاح في مثل هذه الظروف بأكثر مما لو كنا قد اخترنا مفكرا آخر معتنقا نفس الدعاوي التي نقدمها. ومع ذلك ينبغي لنا أن نناقش قليلا الأفكار العامة التي يقدمها لنا كتاب الأستاذ فندريس القيم، وذلك من وجهة النظر التأليفية.

---

١ مجلة الجمعية الفلسفية الفرنسية عدد فبراير عام ١٩١٢ ص٦٩-٧١.