قال الكلبي:"ألزمناهم قرناء من الشياطين". وقال مقاتل:"هيأنا لهم قرناء من الشياطين". وقال ابن عباس:"ما بين أيديهم من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر الآخرة".
والمعنى: زينوا لهم الدنيا حتى آثروها، ودعوهم إلى التكذيب بالآخرة والإعراض عنها. وقال الكلبى:"زينوا لهم ما بين أيديهم من أمر الآخرة: أنه لا جنة، ولا نار، ولا بعث، وما خلفهم من أمر الدنيا: ما هم عليه من الضلالة". وهذا اختيار الفراء.
وقال ابن زيد:"زينوا لهم ما مضى من خبث أعمالهم، وما يستقبلون منها". والمعنى: على هذا زينوا لهم ما عملوه فلم يتوبوا منه وما يعزمون عليه فلا ينوون تركه.
يتناول الدنيا والآخرة، وقوله:{وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ}[الأعراف: ١٧] .
فإن ملك الحسنات عن اليمين يستحث صاحبه على فعل الخير، فيأتيه الشيطان من هذه الجهة يثبطه عنه، وإن ملك السيئات عن الشمال ينهاه عنها فيأتيه الشيطان من تلك الجهة يحرضه عليها، وهذا يفصل ما أجمله فى قوله:{فَبِعزَّتِكَ لأغْوِينَّهُمْ أَجْمَعينَ}[ص: ٨٢] وقال تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إلا شَيْطَاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضا وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلآمُرَنّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خسرَاناً مُبِيناً يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إلا غُرُوراً}[النساء: ١١٧ - ١٢٠] .
قال الضحاك:"مفروضا أى معلوما" وقال الزجاج: "أى نصيبا افترضته على نفسى" قال الفراء: "يعنى ما جعل له عليه السبيل من الناس، فهو كالمفروض".
قلت: حقيقة الفرض هو التقدير. والمعنى: أن من اتبع الشيطان وأطاعه فهو من نصيبه المفروض وحظه المقسوم، فكل من أطاع عدو الله فهو من مفروضه، فالناس قسمان: نصيب الشيطان ومفروضه، وأولياء الله وحزبه وخاصته.
وقوله {ولأضلنهم} يعنى عن الحق {ولأمنيهم} ، قال ابن عباس:"يريد تعويق التوبة وتأخيرها".