وقال الكلبى: "مُنَيِّهم أنه لا جنة، ولا نار، ولا بعث".
وقال الزجاج: "أجمع لهم مع الإضلال أن أوهمهم أنهم ينالون مع ذلك حظهم من الآخرة".
وقيل: "لأمنينهم ركوب الأهواء الداعية إلى العصيان والبدع".
وقيل: "أمنيهم طول البقاء فى نعيم الدنيا، فأطيل لهم الأمل فيها ليؤثروها على الآخرة".
وقوله: {وَلآمُرَنّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ} [النساء: ١١٩] .
البتك: القطع وهو فى هذا الموضع: قطع آذان البحيرة، عن جميع المفسرين، ومن هاهنا كره جمهور أهل العلم تثقيب أذنى الطفل للحلق، ورخص بعضهم فى ذلك للأنثى، دون الذكر، لحاجتها إلى الحلية، واحتجوا بحديث أم زَرْعٍ، وفيه: "أنَاسَ مِنْ حُلِىّ أُذُنَىّ "
وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأمِّ زَرْعٍ".
ونص أحمد رحمه الله على جواز ذلك فى حق البنت وكراهته فى حق الصبي.
وقوله: {وَلآمُرَنّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: ١١٩] .
قال ابن عباس: "يريد دين الله". وهو قول إبراهيم، ومجاهد، والحسن، والضحاك، وقتادة، والسُّدى، وسعيد بن المسيَّب، وسعيد بن جُبير.
ومعنى ذلك: هو أن الله تعالى فطر عباده على الفطرة المستقيمة؛ وهى ملَّة الإسلام؛ كما قال تعالى:
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِى فَطَرَ النّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلِكنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إلَيْهِ وَاتّقُوهُ} [الروم: ٣٠- ٣١] .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمجِّسَانِهِ كَما تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، فَهَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ، حَتَّى تَكُونُوا أنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا".
ثم قرأ أبو هريرة: {فِطرَتَ اللهِ الّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] الآية، متفق عليه.