للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: إتيانه بلام التأكيد فى جواب القسم.

السادس: أنه صور نفسه لهما ناصحا من جملة الناصحين، فكأنه قال لهما: الناصحون لكما فى ذلك كثير، وأنا واحد منهم، كما تقول لمن تأمره بشىء: كل أحد معى على هذا وأنا من جملة من يشير عليك به.

سَعَى نَحْوَهَا حَتَّى تجَاوَزَ حَدَّهُ ... وَكَثَّرَ فَارْتَابَتْ، وَلَوْ شَاءَ قَلَّلا

وورّث عدو الله هذا المكر لأوليائه وحزبه عند خداعهم للمؤمنين كما كان المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا جاءوه: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} [المنافقون: ١] . فأكدوا خبرهم بالشهادة وبإن وبلام التأكيد، وكذلك قوله سبحانه: {وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ} [التوبة: ٥٦] .

ثم قال تعالى: {فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: ٢٢] .

قال أبو عبيدة: "خذلهما وخلاهما، من تدلية الدلو، وهو إرسالها فى البئر".

وذكر الأزهرى لهذه اللفظة أصلين: أحدهما قال: "أصله الرجل العطشان يتدلى فى البئر ليروى من الماء فلا يجد فيها ماء فيكون قد تدلى فيها بالغرور. فوضعت التدلية موضع الإطماع فيما لا يجدى نفعا، فيقال: دلاه، إذا أطمعه"، ومنه قول أبى جندب الهذلى:

أَحُصُّ، فَلاَ أُجِيرُ وَمَنْ أُجِرْهُ ... فَلَيْسَ كَمَنْ تَدَلَّى بِالْغُرُورِ

أحص: أى أقطع.

الثانى: "فدلاهما بغرور، أى جرأهما على أكل الشجرة، وأصله: دللهما من الدلال والدالة وهى الجراءة"، قال شمر: "يقال: ما دَلَّكَ على أى ما جرأك على"، وأنشد لقيس بن زهير:

أَظنُّ الْحِلْمَ دَلَّ عَلَىَّ قَوْمِى ... وَقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الْحَلِيمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>