للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذى ذكرناه قليل من كثير من السنة، ومن له اطلاع على ما كان عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأصحابه لا يخفى عليه حقيقة الحال.

وقد روى الإمام أحمد فى مسنده عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "بُعِثْتُ بِالْحنِيفِيَّةِ السمْحِةِ".

فجمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة. فهى حنيفية فى التوحيد، سمحة فى العمل. وضد الأمرين: الشرك، وتحريم الحلال، وهما اللذان ذكرهما النبى صلى الله تعالى عليه وآله فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى أنه قال:

" إِنى خَلَقْتُ عِبَادِى حُنَفَاءَ وَإِنّهُمْ أتَتْهُمُ الشّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينْهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بى مَا لَمْ أُنَزلْ بِهِ سُلْطَاناً".

فالشرك وتحريم الحلال قرينان. وهما اللذان عابهما الله تعالى فى كتابه على المشركين فى سورة الأنعام والأعراف.

وقد ذم النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم المتنطعين فى الدين، وأخبر بمهلكهم حيث يقول:

"أَلا هَلَكَ المُتَنَطعُونَ، أَلا هَلَكَ المُتَنَطعُونَ، أَلا هَلَكَ المُتَنَطعُونَ". وقال ابن أبى شيبة: حدثنا أبو أسامة عن مسعر قال: "أخرج إلى معن بن عبد الرحمن كتاباً، وحلف بالله أنه خط أبيه، فإذا فيه: قال عبد الله: والله الذى لا إله غيره ما رأيت أحداً كان أشد على المتنطعين من رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ولا رأيت بعده أحداً أشد خوفاً عليهم من أبى بكر، وإنى لأظن عمر رضى الله عنه كان أشد أهل الأرض خوفاً عليهم".

وكان عليه الصلاة والسلام يبغض المتعمقين، حتى إنه لما واصل بهم ورأى الهلال. قال: "لَوْ تَأَخّرَ الهِلالُ لَوَاصَلتُ وِصالا يَدَعُ المُتَعَمقُونَ تَعَمُّقَهُمْ، كالمَنكلِ بهِمْ".

<<  <  ج: ص:  >  >>