يوقف الأمر إلى وقت الانكشاف، فإنه إذا علم أنه لا سبيل له إلى انكشاف الحال، كان إيقاف الأمر إلى آخر العمر من أعظم المفاسد التى لا تأتى بها الشريعة. وغاية ما يقدر أن القرعة تصيب التى لم يقع عليها الطلاق وتخطئ المطلقة. وهذا لا يضرها هاهنا، فإنها لما جهل كونها هى التى وقع عليها الطلاق صار المجهول كالمعدوم، وكل ما يقدر من المفسدة فى ذلك فمثلها فى العتق سواء. وقد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحيحة الصريحة على إخراج المعتق من غيره بالقرعة، وقد نص أحمد على حل البضع بالقرعة.
فقال- فى رواية ابن منصور وحنبل- إذا زوجها الوليان من رجلين، ولم يعلم السابق منهما أقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة حكم أنه الأول.
فإذا قويت القرعة على تعيين الزوج فى حل البضع له فلأن تقوى على تعيين المطلقة فى تحريم بضعها عنه أولى. فإن الطلاق مبنى على التغليب والسراية، وهو أسرع نفوذا وثبوتا من النكاح من وجوه كثيرة.
وقول الشيخ أبى محمد، قدس الله تعالى روحه:"إنه اشتبهت عليه زوجته بأجنبية فلم تحل له إحداهما بالقرعة، كما لو اشتبهت بأجنبية لم يكن عليها عقد".
جوابه: بالفرق بين حالتى الدوام والابتداء، فإنه هناك شك فى هذه الأجنبية هل حصل عقد أم لا؟ والأصل فيها التحريم، فإذا اشتبهت بها الزوجة لم يقدم على واحدة منهما. وهاهنا ثبت الحل والنكاح. وحصل الشك بعده، هل ترك التحريم فى هذا أو فى هذه. فإما أن يحرما جميعاً أو يحلا جميعاً، أو يقال له: اختر من ينزل عليه التحريم، أو يوقف الأمر أبدا، أو تستعمل القرعة، والأقسام الأربعة الأول باطلة، لا أصل لها فى السنة، ولم يعتبرها الشارع بخلاف القرعة.
وبالجملة فلا يصح إلحاق إحدى الصورتين بالأخرى، إذ هناك تحريم متيقن، ونحن