إذا خالط كلابه كلبا من غيره، فهو الذى أمر به رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، لأنه قد شك فى سبب الحل، والأصل فى الحيوان التحريم. فلا يستباح بالشك فى شرط حله، بخلاف ما إذا كان الأصل فيه الحل. فإنه لا يحرم بالشك فى سبب تحريمه كما لو اشترى ماء أو طعاماً، أو ثوباً لا يعلم حاله، جاز شربه وأكله ولبسه. وإن شك هل تنجس أم لا؟ فإن الشرط متى سبق اعتباره، أو كان الأصل عدم المانع، لم يلتفت إلى ذلك.
فالأول: كما إذا أتى بلحم لا يعلم: هل سمى عليه ذابحه أم لا؟. وهل ذكاه فى الحلق واللبة، واستوفى شروط الذكاة أم لا؟ لم يحرم أكله، لمشقة التفتيش عن ذلك وقد قالت عائشة رضى الله عنها:
مع أنه قد نهى عن أكل ما لم يذكر عليه اسم الله تعالى.
والثانى كما ذكرنا من الماء والطعام واللباس. فإن الأصل فيها الطهارة، وقد شك فى وجود المتنجس، فلا يلتفت إليه.
فصل
وأما ما ذكرتموه عن ابن عمر، وأبى هريرة رضى الله عنهما فشئ تفردا به، دون الصحابة ولم يوافق ابن عمر على ذلك أحد منهم، وكان ابن عمر رضى الله عنهما يقول:"إن بى وسواساً فلا تقتدوا بى".
وظاهر مذهب الشافعى وأحمد: أن غسل داخل العينين فى الوضوء لا يستحب، وإن أمن الضرر. لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه فعله قط، ولا أمر به، وقد نقل وضوءه جماعة كعثمان، وعلى، وعبد الله بن زيد، والربُّيع بنت معوذ وغيرهم، فلم يقل أحد منهم إنه غسل داخل عينيه. وفى وجوبه فى الجنابة روايتان عن أحمد، أصحهما أنه لا يجب، وهو قول الجمهور. وعلى هذا فلا يجب غسلهما من النجاسة، وأولى لأن المضرة به أغلب لزيادة التكرار والمعالجة.