وأكثر ما يورث عشق الصور، واستحسان الفواحش، وإدمانه يثقل القرآن على القلب، ويكرهه إلى سماعه بالخاصية، وإن لم يكن هذا نفاقاً فما للنفاق حقيقة.
وسر المسألة: أنه قرآن الشيطان، كما سيأتى، فلا يجتمع هو وقرآن الرحمن فى قلب أبدا.
وأيضاً فإن أساس النفاق: أن يخالف الظاهر الباطن، وصاحب الغناء بين أمرين، إما أن يتهتك فيكون فاجراً، أو يظهر النسك فيكون منافقاً، فإنه يظهر الرغبة فى الله والدار الآخرة وقلبه يغلى بالشهوات، ومحبة ما يكرهه الله ورسوله من أصوات المعازف، وآلات اللهو، وما يدعو إليه الغناء ويهيجه، فقلبه بذلك معمور، وهو من محبة ما يحبه الله ورسوله وكراهة ما يكرهه قفر، وهذا محض النفاق.
وأيضاً فإن الإيمان قول وعمل: قول الحق، وعمل بالطاعة، وهذا ينبت على الذكر، وتلاوة القرآن. والنفاق: قول الباطل، وعمل البغى، هذا ينبت على الغناء.
وأيضاً، فمن علامات النفاق: قلة ذكر الله، والكسل عند القيام إلى الصلاة، ونقر الصلاة، وقل أن تجد مفتوناً بالغناء إلا وهذا وصفه.
وأيضاً: فإن النفاق مؤسس على الكذب، والغناء من أكذب الشعر، فإنه يحسن القبيح ويزينه، ويأمر به، ويقبح الحسن ويزهد فيه، وذلك عين النفاق.
وأيضاً، فإن النفاق غش ومكر وخداع، والغناء مؤسس على ذلك.
وأيضا: فإن المنافق يفسد من حيث يظن أنه يصلح، كما أخبر الله سبحانه بذلك عن المنافقين وصاحب السماع يفسد قلبه وحاله من حيث [يظن] أنه يصلحه. والمغنى يدعو القلوب إلى فتنة الشهوات، والمنافق يدعوها إلى فتنة الشبهات، قال الضحاك:"الغناء مفسدة للقلب، مسخطة للرب".
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده:"ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهى، التى بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغنى عن الثقات من أهل العلم: أن صوت المعازف، واستماع الأغانى، واللهج بها ينبت النفاق فى القلب كما ينبت العشب على الماء".