لكونهم لم يتعلموا دينهم الذى أمرهم الله تعالى به وأعرضوا عنه ولم يسألوا أهل العلم كيف يطلقون؟ وماذا أبيح لهم من الطلاق؟ وماذا يحرم عليهم منه؟ أم يقال لا يستحقون العقوبة، لأن الله سبحانه لا يعاقب شرعاً ولا قدراً إلا بعد قيام الحجة ومخالفة أمره، كما قال تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذَبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}[الإسراء: ١٥] .
وأجمع الناس على أن الحدود لا تجب إلا على عالم بالتحريم متعمد لارتكاب أسبابها، والتعزيرات ملحقة بالحدود.
فهذا موضع نظر واجتهاد، وقد قال النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:"التّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمنْ لا ذَنْبَ لَهُ".
فمن طلق على غير ما شرعه الله تعالى وأباحه جاهلاً، ثم علم به فندم وتاب، فهو حقيق بأن لا يعاقب وأن يفتى بالمخرج الذى جعله الله تعالى لمن اتقاه، ويجعل له من أمره يسراً.
والمقصود: أن الناس لابد لهم فى باب الطلاق من أحد ثلاثة أبواب يدخلون منها.
أحدها: باب العلم والاعتدال الذى بعث الله تعالى به رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وشرعه للأمة رحمة بهم وإحسانا إليهم.
والثانى: باب الآصار والأغلال، الذى فيه من العسر والشدة والمشقة ما فيه.
والثالث: باب المكر والاحتيال الذى فيه من الخداع والتحيل والتلاعب بحدود الله تعالى، واتخاذ آياته هزواً ما فيه، ولكل باب من المطلقين وغيرهم جزء مقسوم.
فصل
ومن مكايده التى كاد بها الإسلام وأهله: الحيل والمكر والخداع الذى يتضمن تحليل ما حرم الله، وإسقاط ما فرضه، ومضادته فى أمره ونهيه، وهى من الرأى الباطل الذى اتفق السلف على ذمه