للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الرأى رأيان: رأى يوافق النصوص وتشهد له بالصحة والاعتبار، وهو الذى اعتبره السلف، وعملوا به.

ورأى يخالف النصوص وتشهد له بالإبطال والإهدار، فهو الذى ذموه وأنكروه. وكذلك الحيل نوعان: نوع يتوصل به إلى فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه والتخلص من الحرام، وتخليص الحق من الظالم المانع له، وتخليص المظلوم من يد الظالم الباغى، فهذا النوع محمود يثاب فاعله ومعلمه.

ونوع يتضمن إسقاط الواجبات، وتحليل المحرمات، وقلب المظلوم ظالماً، والظالم مظلوماً، والحق باطلاً والباطل حقاً، فهذا النوع الذى اتفق السلف على ذمه، وصاحوا بأهله من أقطار الأرض.

وقال الإمام أحمد رحمة الله: لا يجوز شئ من الحيل فى إبطال حق مسلم.

وقال الميمونى: قلت لأبى عبد الله: من حلف على يمين ثم احتال لإبطالها، فهل تجوز تلك الحيلة؟ قال: نحن لا نرى الحيلة إلا بما يجوز. قلت: أليس حيلتنا فيها أن نتبع ما قالوا، وإذا وجدنا لهم قولا فى شئ اتبعناه؟ قال: بلى هكذا هو. قلت: أو ليس هذا منا نحن حيلة؟ قال: نعم.

فبين الإمام أحمد أن من اتبع ما شرعه الله له وجاء عن السلف فى معانى الأسماء التى علقت بها الأحكام ليس بمحتال الحيل المذمومة.. وإن سميت حيلة فليس الكلام فيها.

وغرض الإمام أحمد بهذا: الفرق بين سلوك الطريق المشروعة التى شرعت لحصول مقصود الشارع، وبين الطريق التى تسلك لإبطال مقصوده.

فهذا هو سر الفرق بين النوعين، وكلامنا الآن فى النوع الثانى.

قال شيخنا: فالدليل على تحريم هذا النوع وإبطاله من وجوه:

الوجه الأول: قوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>