للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على خلاصه من هذا المؤذى لبدنه، وخفة البدن وراحته، وسأل أن يخلصه من المؤذى الآخر ويريح قلبه منه ويخففه.

وأسرار كلماته وأدعيته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فوق ما يخطر بالبال.

فصل فيما فى الشرك والزنا واللواطة من الخبث

وقد وسم الله سبحانه الشرك والزنا واللواطة بالنجاسة والخبث فى كتابه دون سائر الذنوب وإن كانت مشتملة على ذلك، لكن الذى وقع فى القرآن قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨] وقوله تعالى فى حق اللوطية: {وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الّتِى كانَتْ تَعْمَلُ الخبَائِثَ إِنّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِين} [الأنبياء: ٧٤] ، وقالت اللوطية: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: ٥٦] .

فأقروا مع شركهم وكفرهم أنهم هم الأخابث الأنجاس، وأن لوطا وآله مطهرون من ذلك باجتنابهم له، وقال تعالى فى حق الزناة:

{الخبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالَخبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} [النور: ٢٦] .

فأما نجاسة الشرك فهى نوعان: نجاسة مغلظة، ونجاسة مخففة، فالمغلظة: الشرك الأكبر الذى لا يغفره الله عز وجل، فإن الله لا يغفر أن يشرك به. والمخففة: الشرك الأصغر، كيسير الرياء، والتصنع للمخلوق، والحلف به وخوفه ورجائه. ونجاسة الشرك عينية. ولهذا جعل سبحانه الشرك نجسا، بفتح الجيم، ولم يقل: إنما المشركون نجس، بالكسر، فإن النجس عين النجاسة، والنجس، بالكسر، هو المتنجس. فالثوب إذا أصابه بول أو خمر نجس. والبول والخمر نجس. فأنجس النجاسة الشرك، كما أنه أظلم الظلم. فإن النجَس فى اللغة والشرع هو المستقذر الذى يطلب مباعدته والبعد منه، بحيث لا يلمس ولا يشم ولا يرى،

<<  <  ج: ص:  >  >>