يعنون استمتاع كل نوع بالنوع الآخر. فاستمتاع الجن بالإنس: طاعتهم لهم فيما يأمرونهم به: من الكفر، والفسوق، والعصيان. فإن هذا أكثر أغراض الجن من الإنس. فإذا أطاعوهم فيه فقد أعطوهم مُنَاهُم. واستمتاع الإنس بالجن: أنهم أعانوهم على معصية الله تعالى، والشرك به بكل ما يقدرون عليه: من التحسين، والتزيين، والدعاء، وقضاء كثير من حوائجهم، واستخدامهم بالسحر والعزائم، وغيرها. فأطاعهم الإنس فيما يرضيهم: من الشرك، والفواحش، والفجور، وأطاعتهم الجن فيما يرضيهم: من التأثيرات، والإخبار ببعض المغيبات.
فتمتع كل من الفريقين بالآخر.
وهذه الآية منطبقة على أصحاب الأحوال الشيطانية الذين لهم كشوف شيطانية وتأثير شيطانى. فيحسبهم الجاهل أولياء الرحمن، وإنما هم من أولياء الشيطان. أطاعوه فى الإشراك، ومعصية الله، والخروج عما بعث به رسله، وأنزل به كتبه. فأطاعهم فى أن خدمهم بإخبارهم بكثير من المغيبات والتأثيرات، واغتر بهم من قل حظه من العلم والإيمان فوالى أعداء الله، وعادى أولياءه، وحسن الظن بمن خرج عن سبيله وسنته، وأساء الظن بمن اتبع سنة الرسول، وما جاء به، ولم يدعها لأقوال المختلفين، وآراء المتحيرين وشطحات المارقين، وترهات المتصوفين.
والبصير الذى نور الله بصيرته بنور الإيمان والمعرفة إذا عرف حقيقة ما عليه أكثر هذا الحلق، وكان ناقدا، لا يروج عليه الزغل، تبين له أنهم داخلون تحت حكم هذه الآية، وهى منطبقة عليهم.
فالفاسق يستمتع بالشيطان، بإعانته له على أسباب فسوقه، والشيطان يستمتع به فى