والمشرك يستمتع به الشيطان بشركه به، وعبادته له. ويستمتع هو بالشيطان فى قضاء حوائجه، وإعانته له.
ومن لم يحط علما بهذا لم يعلم حقيقة الإيمان والشرك، وسر امتحان الرب سبحانه كلا من الثقلين بالآخر.
ثم قالوا {وَبلَغْنَا أَجَلَنَا الّذِى أَجَّلْتَ لَنَا}[الأنعام: ١٢٨] .
وهو يتناول أجل الموت، وأجل البعث. فكلاهما أجل أجله الله تعالى لعباده وهما الأجلان اللذان قال الله فيهما:{ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمى عِنْدَهُ}[الأنعام: ٢] .
وكأن هذا - والله أعلم - إشارة منهم إلى نوع استعطاف وتوبة. فكأنهم يقولون: هذا أمر قد كان إلى وقت وانقطع بانقطاع أجله. فلم يستمر ولم يدم، فبلغ الأمر الذى كان أجله وانتهى إلى غايته. ولكل شيء آخر، فقال تعالى:{النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا}[الأنعام: ١٢٨] .
فإنه وإن انقطع زمن التمتع وانقضى أجله، فقد بقى زمن العقوبة، فلا يتوهم أنه إذا انقضى زمن الكفر والشرك، وتمتع بعضكم ببعض أن مفسدته زالت بزواله، وانتهت بانتهائه.
والمقصود: أن الشيطان تلاعب بالمشركين حتى عبدوه، واتخذوه وذريته أولياء من دون الله.
فصل
ومن تلاعبه بهم: أن زين لقوم عبادة الملائكة فعبدوهم بزعمهم. ولم تكن عبادتهم فى الحقيقة لهم، ولكن كانت للشياطين. فعبدوا أقبح خلق الله وأحقهم باللعن والذم.