أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هؤْلاءِ، أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنَ دُونِكَ مِن أولياء، وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكُرَ وَكانُوا قَوْماً بُورًا فَقدْ كَذَّبُوكُمْ بَما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاَ وَلا نَصْراً. وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً} [الفرقان: ١٧- ١٩] .
وهذه الآيات تحتاج إلى تفسير وبيان.
فقوله سبحانه {وَيوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دونِ اللهِ} [الفرقان: ١٧] .
عام فى كل عابد ومن عبده من دون الله.
وأما قوله {فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتمْ عِبَادِى هؤُلاءِ، أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} [الفرقان: ١٧] .
فقال مجاهد، فيما رواه ورقاء عن ابن أبى نجيح - عنه قال: "هذا خطاب لعيسى وعزير، والملائكة" وروى عنه ابن جريج نحوه.
وأما عكرمة والضحاك والكلبى، فقالوا: هو عام فى الأوثان وعبدتها.
ثم يأذن سبحانه لها فى الكلام، فيقول: {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادى هؤُلاءِ} [الفرقان: ١٧] .
قال مقاتل: يقول سبحانه: "أأنتم أمرتموهم بعبادتكم، أم هم ضلوا السبيل؟ أى أم هم أخطأوا الطريق؟ فأجاب المعبودون بما حكى الله عنهم من قولهم: {سُبْحَانَكَ مَا كانَ يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: ١٨] .
وهذا الجواب إنما يحسن من الملائكة والمسيح وعزير، ومن عبدهم المشركون من أولياء الله.
ولهذا قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: قالت الملائكة وعيسى الذين كان هؤلاء المشركون يعبدونهم من دون الله [تنزيها لك يا ربنا وتبرئة مما أضاف إليك هؤلاء المشركون] .
{مَا كانَ يَنْبَغِى لَنَا أن نتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [الفرقان: ١٨] .
نواليهم، بل أنت ولينا من دونهم.
وقال ابن عباس ومقاتل "نزهوا الله وعظموه أن يكون معه إله".