وفيها قراءتان: أشهرهما - نتخذ - بفتح النون وكسر الخاء، على البناء للفاعل وهى قراءة السبعة. والثانية - نتخذ - بضم النون وفتح الخاء، على البناء للمفعول. وهى قراءة الحسن ويزيد بن القعقاع.
وعلى كل واحدة من القراءتين إشكال.
فأما قراءة الجمهور، فإن الله سبحانه إنما سألهم: هل أضلوا المشركين بأمرهم إياهم بعبادتهم، أم هم ضلوا السبيل باختيارهم وأهوائهم؟ وكيف يكون هذا الجواب مطابقا للسؤال؟ فإنه لم يسألهم: هل اتخذتم من دونى من أولياء؟ حتى يقولوا:{مَا كانَ يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ}[الفرقان: ١٨] .
وإنما سألهم هل أمرتم عبادى هؤلاء بالشرك، أم هم أشركوا من قبل أنفسهم؟ فالجواب المطابق أن يقولوا: لم نأمرهم بالشرك، وإنما هم آثروه وارتضوه أو لم نأمرهم بعبادتنا، كما قال فى الآية الأخرى عنهم:{تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كانُوا إيَّانَا يَعْبُدُونَ}[القصص: ١٣] .
فلما رأى أصحاب القراءة الأخرى ذلك فروا إلى بناء الفعل للمفعول. وقالوا: الجواب يصح على ذلك، ويطابق. إذ المعنى: ليس يصلح لنا أن نعبد ونتخذ آلهة، فكيف نأمرهم بما لا يصلح لنا، ولا يحسن منا؟.
ولكن لزم هؤلاء من الإشكال أمر آخر، وهو قوله:{مِنْ أَوْلِيَاءَ}[الفرقان: ١٨] .
فإن زيادة ((من)) لا يحسن إلا مع قصد العموم، كما تقول: ما قام من رجل. وما ضربت من رجل. فأما إذا كان النفى واردا على شيء مخصوص فإنه لا يحسن زيادة ((من فيه، وهم إنما نفوا عن أنفسهم ما نسب إليهم من دعوى المشركين: أنهم أمروهم بالشرك. فنفوا عن أنفسهم ذلك بأنه لا تحسن منهم، ولا يليق بهم أن يعبدوا، فكيف ندعو عبادك إلى أن يعبدونا؟ فكان الواجب على هذا: أن تقرأ: {مَا كانَ يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِكَ أو مِنْ دُونِكَ أَوْلِيَاءَ} .
فأجاب أصحاب القراءة الأولى بوجوه:
أحدها: أن المعنى: ما كان ينبغى لنا أن نعبد غيرك، ونتخذ غيرك وليا ومعبودا فكيف ندعو أحدا إلى عبادتنا؟ أى إذا كنا نحن لا نعبد غيرك، فكيف ندعو أحدا إلى أن