تعالى. قال تعالى عن نبيه داود عليه السلام:{وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}[ص: ٢٠] .
وقال عن المسيح عليه السلام:{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ}[آل عمران: ٤٨] .
وقال عن يحيى عليه السلام:{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيا}[مريم: ١٢] .
والحكم: هو الحكمة، وقال لرسوله محمد صلى الله تعالى عليه وسلم:{وَأَنْزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكُمَةَ}[النساء: ١١٣] وقال {يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِى خَيْراً كَثِيراً}[البقرة: ٢٦٩] .
وقال لأهل بيت رسوله:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ}[الأحزاب: ٣٣] .
فالحكمة التى جاءت بها الرسل: هى الحكمة الحق المتضمنة للعلم النافع والعمل الصالح للهدى ودين الحق، لإصابة الحق اعتقادا وقولا وعملا. وهذه الحكمة فرقها الله سبحانه بين أنبيائه ورسله، وجمعها لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم، كما جمع له من المحاسن ما فرقه فى الأنبياء قبله، وجمع فى كتابه من العلوم والأعمال ما فرقه فى الكتب قبله. فلو جمعت كل حكمة صحيحة فى العالم من كل طائفة لكانت فى الحكمة التى أوتيها صلوات الله وسلامه عليه جزاء يسيرا جدا لا يدرك البشر نسبته.
والمقصود: أن الفلاسفة اسم جنس لمن يحب الحكمة ويؤثرها.
وقد صار هذا الاسم فى عرف كثير من الناس مختصا بمن خرج عن ديانات الأنبياء، ولم يذهب إلا إلى ما يقتضيه العقل فى زعمه.
وأخص من ذلك: أنه فى عرف المتأخرين اسم لأتباع إرسْطو، وهم المشاؤون خاصة. وهم الذين هذب ابن سيْنا طريقتهم وبسطها، وقررها، وهى التى يعرفها، بل لا يعرف سواها، المتأخرون من المتكلمين.
وهؤلاء فرقة شاذة من فرق الفلاسفة، ومقالتهم واحدة من مقالات القوم، حتى قيل: إنه ليس فيهم من يقول بقدم الأفلاك غير إرَسْطو وشيعته، فهو أول من عرف أنه قال بقدم هذا العالم. والأساطين قبله كانوا يقولون بحدوثه، وإثبات الصانع، ومباينته للعالم، وأنه فوق