ويبول، ويتغوط، ويحمل على الأيدى والعواتق، ثم صار إلى أن لطمت اليهود خديه، وربطوا يديه، وبصقوا فى وجهه، وصفعوا قفاه، وصلبوه جهرا بين لصين، وألبسوه إكليلا من الشوك،. وسمروا يديه ورجليه، وجرعوه أعظم الآلام، هذا وهو الإله الحق الذى بيده أتقنت العوالم، وهو المعبود المسجود له.
ولعمر الله إن هذه مسبة لله سبحانه ما سبه بها أحد من البشر قبلهم، ولا بعدهم، كما قال تعالى، فيما يحكى عنه رسوله الذى نزهه ونزه أخاه المسيح عن هذا الباطل الذى.
فقال:"شتمنى ابن آدم، وما ينبغى له ذلك. وكذبنى ابن آدم وما ينبغى له ذلك. أما شتمه إيَّاى، فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد الذى لم ألد، ولم أولد، ولم يكن لى كفوا أحد، وأما تكذيبه إياى. فقوله: لن يعيدنى كما بدأنى. وليس أول الخلق بأهون على من إعادته".
وقال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فى هذه الأمة: أهينوهم، ولا تظلموهم، فلقد سبوا الله عز وجل مسبة ما سبه إياها أحد من البشر".
ولعمر الله، إن عباد الأصنام، مع أنهم أعداء الله عز وجل على الحقيقة، وأعداء رسله عليهم السلام، وأشد الكفار كفرا يأنفون أن يصفوا آلهتهم التى يعبدونها من دون الله تعالى - وهى من الحجارة والحديد، والخشب - بمثل ما وصفت به هذه الأمة رب العالمين، إله السماوات والأرضين. وكان الله تعالى فى قلوبهم أجل وأعظم من أن يصفوه بذلك، أو بما يقاربه. وإنما شرك القوم: أنهم عبدوا من دونه آلهة مخلوقة مربوبة محدثة، وزعموا أنها تقربهم إليه، لم يجعلوا شيئا من آلهتهم كفوا له، ولا نظيرا ولا ولدا، ولم ينالوا من الرب تعالى ما نالت منه هذه الأمة.
عذرهم فى ذلك أقبح من قولهم، فإن أصل معتقدهم: أن أرواح الأنبياء عليهم السلام كانت فى الجحيم فى سجن إبليس، من عهد آدم إلى زمن المسيح، وكان إبراهيم وموسى ونوح