وصالح وهود معذبين مسجونين فى النار بسبب خطيئة آدم عليه السلام، وأكله من الشجرة، وكان كلما مات واحد من بنى آدم أخذه إبليس وسجنه فى النار بذنب أبيه. ثم إن الله سبحانه وتعالى لما أراد رحمتهم وخلاصهم من العذاب، تحيل على إبليس بحيلة، فنزل عن كرسى عظمته، والتحم ببطن مريم، حتى ولد وكبر وصار رجلا. فمكن أعداءه اليهود من نفسه، حتى صلبوه، وتوجوه بالشوك على رأسه، فخلص أنبياءه ورسله، وفداهم بنفسه ودمه، فهرق دمه فى مرضاة جميع ولد آدم. إذ كان ذنبه باقيا فى أعناق جميعهم، فخلصهم منه بأن مكن أعداءه من صلبه، وتسميره وصفعه، إلا من أنكر صلبه أو شك فيه، أو قال: بأن الإله يجل عن ذلك، فهو فى سجن إبليس معذب حتى يقر بذلك. وأن إلهه صلب وصفع وسمر.
فنسبوا الإله الحق سبحانه إلى ما يأنف أسقط الناس وأقلهم أن يفعله بمملوكه وعبده وإلى ما يأنف عباد الأصنام أن ينسب إليه أوثانهم، وكذبوا الله عز وجل فى كونه تاب على آدم عليه السلام وغفر له خطيئته، ونسبوه إلى أقبح الظلم، حيث زعموا أنه سجن أنبياءه ورسله وأولياءه فى الجحيم، بسبب خطيئة أبيهم، ونسبوه إلى غاية السفه، حيث خلصهم من العذاب بتمكينه أعداءه من نفسه، حتى قتلوه: وصلبوه وأراقوا دمه، ونسبوه إلى غاية العجز حيث عجزوه أن يخلصهم بقدرته من غير هذه الحلية، ونسبوه إلى غاية النقص، حيث سلط أعداءه على نفسه وابنه ففعلوا به ما فعلوا.
وبالجملة، فلا نعلم أمة من الأمم سبت ربها ومعبودها وإلهها بما سبت به هذه الأمة كما قال عمر رضى الله عنه "إنهم سبوا الله مسبة ما سبه إياها أحد من البشر".
وكان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليبيا أغمض عينيه عنه، وقال: لا أستطيع أن أملأ عينى ممن سب إلهه ومعبوده بأقبح السب.
ولهذا قال عقلاء الملوك: إن جهاد هؤلاء واجب شرعا وعقلا، فإنهم عار، على بنى آدم، مفسدون للعقول والشرائع.