للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما شريعتهم ودينهم فليسوا متمسكين بشيء من شريعة المسيح، ولا دينه البتة.

فأول ذلك أمرُ الِقبْلة.

فإنهم ابتدعوا الصلاة إلى مطلع الشمس مع علمهم أن المسيح عليه السلام لم يُصَل إلى المشرق أصلا. بل قد نقل مؤرخوهم أن ذلك حدث بعد المسيح بنحو ثلاثمائة سنة، وإلا فالمسيح إنما كان يصلى إلى قبلة بيت المقدس، وهى قبلة الأنبياء قبله، وإليها كان يصلى النبى صلى الله عليه وسلم مدة مقامه بمكة، وبعد هجرته ثمانية عشر شهرا، ثم نقله الله تعالى إلى قِبْلة أبيه إبراهيم عليه السلام.

ومن ذلك: أن طوائف منهم - وهم الروم وغيرهم - لا يرون الاستنجاء بالماء، فيبول أحدهم ويتغوط، ويقوم بأثر البول والغائط إلى صلاته بتلك الرائحة الكريهة، فيستقبل المشرق ويصلب على وجهه، ويحدث من يليه بأنواع الحديث، كذباً كان أو فجوراً، أو غيبة، أو سباً وشتماً، ويخبره بسعر الخمر ولحم الخنزير، وما شاكل ذلك ولا يضر ذلك فى الصلاة ولا يبطلها. وإن دعته الحاجة إلى البول فى الصلاة بال وهو يصلى ولا يضر صلاته.

وكل عاقل يعلم أن مواجهة إله العالمين بهذه العبادة قبيح جدا، وصاحبها إلى استحقاق غضبه وعقابه أقرب منه إلى الرضا والثواب.

ومن العجيب إنهم يقرءون فى نص التوراة "ملعون من تعلق بالصليب" وهم قد جعلوا شعار دينهم ما يلعنون عليه. ولو كان لهم أدنى عقل لكان الأولى بهم أن يحرقوا الصليب، حيث وجدوه، ويكسروه ويُضمِّخُوه بالنجاسة. فإنه صلب عليه إلههم ومعبودهم بزعمهم، وأهين عليه، وفضح، وخزى.

فيا للعجب، بأى وجه - بعد هذا - يستحقُّ الصليب التعظيم، لولا أن القوم أضل من الأنعام.

وتعظيمهم للصليب مما ابتدعوه فى دين المسيح بعده بزمان. ولا ذكر له فى الإنجيل البتة. وإنما ذكر فى التوراة باللعْنِ لمن تعلق به. فاتخذته هذه الأمة معبودا يسجدون له،

<<  <  ج: ص:  >  >>