للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان من علامات الشرف (علو المكانة والمنزلة) في الجاهلية القديمة الكسب.

وذلك أن المتكسب المكافح العامل لا يقارن مطلقاً مع العاجز الكسول العالة على غيره. ولذلك كان من أقسى أنواع الذم في الجاهلية هذا السب:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

أي المطعوم المكسو. وقد أتلفت الحياة الحاضرة قيمة الإنسان الحقيقية وذلك بالتوظيف الحكومي. فالوظائف الحكومية الهرمية والتي يراعي فيها كثيراً الغش والنفاق والمحسوبية، رفعت أناساً يستحقون الوضع، ووضعت أناساً يستحقون الرفعة، وأصبحت السمة الغالبة أن نرى كل إنسان في غير موضعه بل لا نكاد أن نرى إنساناً في موضعه الصحيح من هذا الهرم الوظيفي المغشوش.

ولذلك فالتعويل على معرفة القيمة الحقيقية للإنسان من خلال الحسب والمال أصبحت لاغية تماماً في عصر اختلطت فيه موازين الكسب والتوظيف، ومع ذلك لن نعدم أيضاً التقييم الحقيقي للرجال الذين يلتزمون

<<  <   >  >>