لقد ترجم د. غيبة رواية كريكتون الخيالية ومنحنا الفرصة للاطلاع عليها، معتقدا أنه يترجم وثيقة تاريخية. وشتان بين الاثنين.
يظهر ابن فضلان في الرواية واحدا من الشخوص الرئيسيين، لكنه بطل يحمل جميع السمات السلبية التي ما فتئ بعض الفكر الغربي يلصقها بالعرب. ابن فضلان فيها هو رمز للعربي (لا يعرف كريكتون أن الرجل كان مولى! ومن أين له أن يعرف) . فهو جبان إلى أبعد الحدود، ولا يمتلك روح النكتة، مزجور على الدوام بسبب تدخلاته الفظة بما لا يعنيه، مرتعد الفرائص» «٩» ولا يريد أن يكون بطلا» ومتزمت في تدينه بادئ الأمر ثم متناقض مع معتقداته الدينية. غبي، لا يعرف السباحة، مندهش من خضرة الغابات التي لا تعرفها صحراؤه. بالمقابل يبدو رجال الشمال الفايكنغ، وعلى لسان الراوي ابن فضلان نفسه، أشداء، لا يخافون شيئا، جسورين وشجعان إلى درجة يبدو معها ابن فضلان بينهم فأرا تافها مختبئا في جحره وفي أحسن الحالات ديكورا اكزوتيكيا ممتعا. ثمة سخرية متناهية وحطّ من شأن العرب في عمل كريكتون وتفكّه فظ من نزعتهم الدينية التوحيدية «١٠» ، وهو أمر يدعو إلى دهشة وعلامة استفهام عظيمة على طبيعة تفكير الدكتور غيبة الذي حسب العمل توثيقا تاريخيا، والمزيد من الدهشة من عمل الناقد د. عبد الله إبراهيم الذي راح يحلل بحماس منهجي (آليات السرد) في تجديفات كريكتون الشخصية وسخريته من العرب ويحسبها نصا أصليا لابن فضلان. أليس من العجب العجاب أن تفوت سخرية مرة، فاقعة بإشاراتها المتعالية على قلمين مثل قلمي هذين الدكتورين