والاستشهادات هذه مضمومة كاملة في هوامش طبعتنا الحالية.
والقزويني هو أبو عبد الله بن زكريا بن محمد القزويني، ينتهي نسبه إلى أنس بن مالك عالم المدينة. ولد بقزوين في حدود سنة ٦٠٥ للهجرة (١١٨٤ م) ، وتوفي سنة ٦٢٨ هـ، (سنة ١٢٦١ م) . اشتغل بالقضاء مدة، ولكن عمله لم يلهه عن التأليف في الحقول العلمية. شغف بالفلك والطبيعة وعلوم الحياة، وكانت أعظم أعماله شأنا هي نظرياته في علم الرصد الجوي. مؤلفه الرئيسي هو كتابه المعروف (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) وفيه وصف للسماء وما تحوي من كواكب وأجرام وبروج، والأرض وجبالها وأوديتها وأنهارها.. إلخ. وقد رتب ذلك ترتيبا أبجديا دقيقا. كما كتب مصنّفه (آثار البلاد وأخبار العباد) وفيه ثلاث مقدمات عن الحاجة إلى إنشاء المدن والقرى، وخواص البلاد، وتأثير البيئة على السكان والنبات والحيوان، كما عرض لأقاليم الأرض المعروفة آنذاك وبلدانها ومدنها وشعوبها، وخصائص كل منها.
توفي ياقوت سنة ١٢٢٨ م بينما توفي القزويني سنة ١٢٦١ م أي أن بينهما ٣٣ سنة فقط. يسبق إذن ياقوت الحموي القزويني ببضع سنوات، هل يجوز أن يكون القزويني قد نقل عن ياقوت المقاطع المتعلقة بابن فضلان؟. أشك بذلك بعمق، لأن من غير المستبعد البتة (بل من المؤكد) أن تكون نسخة من كتاب ابن فضلان قد وقعت بين يديه هو نفسه وذلك لطبيعة إشاراته الصريحة المشار إليها لرسالة ابن فضلان، إضافة إلى أن معاصرته لمؤلف آخر يشتغل مثله على المادة والمعلومات المتوفرة نفسها في عصريهما، لا تنفي وقوع نسخة من الرسالة بين يديه.
وعلى أية حال فنحن أمام واقعة جديدة، ربما فاتت على من عالج ابن فضلان ودرسه، وهي أن القزويني، وليس ياقوت، لوحده، من يستخدمه، بصراحة، مرجعا من مراجعه ويسمّيه باسمه ويعترف بنقله عنه.
هل زار ابن فضلان البلدان الإسكندنافيّة؟
بعد عمل الدكتور سامي الدهان الرائد، توقفنا، بانتباه أقل، أمام كتاب آخر