واضعا شمال أوربا وإسكندنافيا في عصب رحلة ابن فضلان، وهو ما يظهر بالفعل في كتابه (ترجمته لكتاب كريكتون أي النص الإنكليزي) الذي تشغل الرحلة الافتراضية هذه فيه الفصول الطوال من ٥ إلى ١٦. وهذا الترتيب يريد، كما يقول هو نفسه، التوفيق بين النصين العربي والإنكليزي.
ولكن ماذا لو كان نصّ كريكتون الإنكليزي هو مجرّد تخيلات جميلة سطرها قلم روائي بارع؟ هذا ما لا يجيب عليه د. غيبة على الرغم من أنه هو نفسه يثير الشكوك حول مصداقية النص الإنكليزي هنا وهناك متناسيا حماسه له.
لو تركنا جانبا مقدمة د. غيبة وانصرفنا إلى مقدمة كريكتون، فإن البحث العلمي والتاريخي فيها يختلط بخيال الروائي. ففي مقطع طويل عنوانه (مصدر المخطوطة) لا ندري فيما إذا كان يتحدث ثانية عن أعمال المستشرقين الذين يترجمون فصول رسالة ابن فضلان التي نقلها لنا ياقوت، أم عن مخطوط أصلي لابن فضلان. هذا الالتباس مدوّخ بالفعل. ولولا ضيق المساحة والخشية من التطويل لناقشنا كل فقرة من فقرات هذا المقطع. سأتوقف عند البعض منها فحسب:
بعد حديث كريكتون عن مقاطع رسالة ابن فضلان في معجم ياقوت المترجمة مرارا، يقول لنا فجأة «واكتشف جزء آخر من المخطوط في روسيا عام ١٨١٧، ونشر باللغة الألمانية في أكاديمية سانت بطرسبورغ في عام ١٩٢٣. ويتضمن بعض المقاطع التي سبق نشرها من قبل ج. ل. راسموسن عام ١٩١٤، وقد استقى راسموسن عمله من مخطوط وجده في كوبنهاغن، ثم اختفى، ومن مصادر مشكوك بها. كما ظهرت في ذلك الوقت تراجم سويدية وفرنسية وإنكليزية، إنّما عرفت بعدم دقتها وخلوّها على ما يبدو من مادة جديدة» . إحدى الإشارات في هذا المقطع تشير إلى الورقتين المصورتين من النسخة الخطية التي اكتشفت في مدينة مشهد (طوس) الإيرانية التي تسلمهما المعهد الآسيوي للاستشراق في بطرسبورغ، في حين أن