وفي هامش آخر للدكتور غيبة بصدد تعليق ابن فضلان المذهول من وجود حيوانات بحرية ضخمة يسميها الروائي على لسانه وحوش البحر، يقول د. غيبة:
«من الواضح أن وحوش البحر التي تحدث عنها ابن فضلان هي الحيتان. إنما من المستغرب أن يجهل وجودها في البحر»«١٧» . وعندما يجعله الروائي يمارس الجنس مع امرأة متابعا شبق الشماليين اللامحدود، يعلّق د. غيبة ببعض من السذاجة: «من الصعب تفسير هذا الاعتراف لابن فضلان، وهو المسلم التقيّ، إلا إذا كانت الجارية أمة مملوكة له باعتبار التمتّع بمثلها كان مباحا، أو أنه فقد بعض تقاه ( ... ) أو أن الإنسان يضعف أحيانا أمام الإغراء» «١٨» .
لكن الدكتور الفاضل يعلن بعد صفحات قليلة علانية شكوكه العالية بنص كريكتون فيكتب في أسفل الصفحة:
«هذه الأقوال وبعض العبارات التالية تزيد الشك في أصالة النص، ذلك الشك الذي يشتدّ بصورة خاصة مع بعض عبارات الفصل التاسع التي تنمّ عن حذلقة وثقافة حديثتين»«١٩» .
لماذا لم يشكّ الدكتور حيدر محمد غيبة منذ البدء بأصالة النص؟ ولماذا كتب تحليلا مطولا في مقدمته طرح عمل كريكتون فيه وكأنه تتمّة تاريخية حقيقية لرحلة ابن فضلان؟ ولماذا حسب الدكتور عبد الله ابراهيم النصّ أصلا لابن فضلان، رغم إشارة غامضة له بعدم أصالة بعض المقاطع فقط (انظر الهامش أدناه) ؟ ثمة خلل مدمر في الثقافة العربية الراهنة يعبّر عنه مثال هذين الدكتورين اللذين يتوجب عليهما