إذا ما كنا نناقش ما صنعه د. غيبة بهذا التوسع، فلأن صنيعه مؤذ وضار بحق رحلة ابن فضلان، ولأن هذه الصنيعة قد تجري بين أوساط القراء، ناهيك عن دكاترة مثل الدكتور الفاضل عبد الله إبراهيم، مجرى الحقائق التاريخية الدامغة. إن جزءا لا يستهان به من تحليلات الدكتور إبراهيم، الجادة والصارمة، تستند ويا للعجب إلى هذا العمل الروائي المتخيّل، لنقرأ: «الكتابة تلعب دورا مهما في تثبيت رؤاه (يقصد ابن فضلان) وتصوراته وأحكامه، ما دام يتحرك في مجاله الثقافي، داخل دار الإسلام.
وما أن ينزلق إلى عالم الكفّار إلّا وتتوقف الكتابة. يضيع من المخطوط ذلك الجزء الرئيس الخاص بالآخر. كأن ثمة قوة سحرية انتزعت كل ما يتصل بالآخر. لم يعثر إلى الآن على الأصل العربي. كل ما يتصل بالآخر، تم ترميمه وتجميعه، وترجمته إلى اللغة العربية استنادا إلى شذرات متناثرة باللغات اللاتينية والألمانية والفرنسية والدنماركية والسويدية والإنجليزية وغيرها. لغات الآخر هي التي أعادت إلينا وجهة نظر ابن فضلان بالآخر» .
وبالطبع فإنّ إشارة د. إبراهيم إلى تلك اللغات هي إشارة إلى رواية كريكتون الهوليوودية. هل ثمّة من يضحك على ذقوننا: هناك بكتابة ساخرة عن واحد من رحالتنا، وهنا بكتابة لا تقل سخرية ومرارة ولكن بقناع عارف فحسب. سينتهي الأمر بالدكتور عبد الله إبراهيم بالشكّ بياقوت نفسه الذي لم يستطع، حسب إبراهيم، تصديق نصّ ابن فضلان عن البلدان الإسكندنافية فحذفه «٢٣» ؟. يستعيد