عملوا على القبض عليه بعد أن استتبّت له الأمور بها واتّسعت به الأحوال فيها وشرفت به الأعمال وتناهى فى الصولة ولقّب بناصر الدولة وأنا من حداثة السنّ وغرّته وفى عنفوان الشباب وسكرته قوىّ البضاعة ظاهر الاستطاعة،] (٦) وقد ذكرت فى آخر كتابى هذا كيف «٥» تعاورتنى الأسفار واقتطعتنى فى البرّ دون ركوب البحار الى أن سلكت وجه الأرض بأجمعه فى طولها وقطعت وتر الشمس على ظهرها، ووصفت رجالات أهل البلدان وأعيان ملوكها من ذوى السلطان وأهل الإمكان والمقدّمين فى كلّ ناحية وبلد بالإحسان الى ذكر النادرة بعد النادرة من محاسنهم والفضيلة بعد الفضيلة من مكارسهم، (٧) ولم أستقص ذلك كراهية الإطالة المؤدّية الى ملال قارئه ولأنّ الغرض فى كتابى هذا تصوير هذه الأقاليم التى لم يذكرها أحد علمته ممّن شاهدها، فأمّا ذكر مدنها وجبالها «١٣» وأنهارها وبحارها والمسافات فيها وبعض ما أنا ذاكره فقد يوجد فى الأخبار متفرّقا ولا يتعذّر على من أراد تقصّى شىء من ذلك من سافرة أهل كلّ بلد وإن كانت المتعصّبة للبلدان والقبائل جارية على خلاف ما توخّيته [٢ ظ] وشرعت فيه ورسمته من قصدها لحقائقها وإيرادها على ما هى عليه من طرائقها،