وشكلا يحكى موضع ذلك الإقليم ثمّ ذكرت ما يحيط به من الأماكن والبقاع وما فى أضعافها من المدن والأصقاع وما لها من القوانين والارتفاع وما فيها من الأنهار والبحار وما يحتاج الى معرفته من جوامع ما يشتمل عليه ذلك الإقليم من وجوه الأموال والجبايات والأعشار والخراجات والمسافات فى الطرقات وما فيه من المجالب والتجارات إذ ذلك علم يتفرّد به الملوك الساسة وأهل المروات والسادة من جميع الطبقات، (٤)«٧» [وكان ممّا حضّنى على تأليفه وحثّنى على تصنيفه وجذبنى الى رسمه أنّى لم أزل فى حال الصبوة شغفا بقراءة كتب المسالك متطلّعا الى كيفيّة البين بين «٩» الممالك فى السير والحقائق وتباينهم فى المذاهب والطرائق وكمّيّة «١٠» وقوع ذلك فى الهمم والرسوم والمعارف والعلوم والخصوص والعموم وترعرعت فقرأت الكتب الجليلة المعروفة والتواليف الشريفة الموصوفة فلم أقرأ فى المسالك كتابا مقنعا وما رأيت فيها رسما متبعا «١٢» فدعانى ذلك الى تأليف هذا الكتاب واستنطاقى «١٣» فيه وجوها من القول والخطاب وأعاننى عليه تواصل السفر وانزعاجى عن وطنى مع ما سبق به القدر لاستيفاء الرزق والأثر والشهوة لبلوغ الوطر بجور السلطان وكلب الزمان وتواصل الشدائد على أهل المشرق والعدوان واستئناس سلاطينه بالجور بعد العدل والطغيان وكثرة الجوائح والنوائب وتعاقب الكلف والمصائب واختلال النعم وقحط الديم،] (٥)«١٩» [فبدأت سفرى هذا من مدينة السلام يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثلثين وثلثمائة وفيه خرج أبو محمّد الحسن بن عبد الله بن حمدان منهزما عنها الى ديار ربيعة من أيدى الأتراك وقد