للنصرانيّة فيها مدخل ولا مخرج وأهلها فى غاية الجهاد وفى حين الهدنة والمسالمة مصونة فى شرائط بينهم غزيرة مقرونة بالقهر والاستظهار «٢» ، وميرقه جزيرة خطيرة لصاحب الاندلس وكذلك جبل الفلال «٣» مضاف الى ذلك العمل وليس ميرقه بالمدانية لصقلّيه فى حال من الأحوال وإن كانت ذات خصب ورخص وسائمة ونتاج وخير [فإنّها تقصر عن صقلّية فى العدّة والعتاد والقوّة على الجهاد وكثرة التجارة ووفور العمارة]«٦» ، ومن الجزائر المشهورة غير العامرة جزيرة مالطه «٧» وهى بين صقلّيه واقريطش وبها الى هذه الغاية من الحمير التى قد توحّشت والغنم الكثير الغزير وبها من العسل أيضا ما يقصدها قوم بالزاد لاشتياره ولصيد الغنم والحمير فأمّا الغنم فتكسّد والحمير فيمكن الورود بها الى النواحى فتباع وتعتمل، والذي سبّب هلاك الجزيرتين بعد قصد العدوّ لهما ما صار اليه أهلها من البغى والحسد والنكد حسب ما خامر أهل الثغور من ذلك الى استباحة الفساد والفسوق والغدر والغيلة والتضادّ والعناد فجعلوا عبرة للمعتبرين وموعظة للسامعين الناظرين ولن يصلح الله عمل المفسدين ولا يضيع أجر المحسنين «١٥» ، وقد ذكرت أنّ من جبلة الى قبرس يومين «١٦» ومنها الى جانب بلد الروم مثله وبقبرس المصطكى الجيّد والميعة الكثيرة والحرير والكتّان وبها «١٧» من القمح والشعير والحبوب والخصب ما لا يوصف كثرة، ولجبل الفلال «١٨» الذي بنواحى افرنجه بأيدى المجاهدين عمارة وحرث ومياه وأراض تقوت من لجأ اليهم فلمّا وقع اليه المسلمون عمّروه وصاروا فى وجوه الافرنجة والوصول اليهم ممتنع لأنّهم يسكنون فى وجه الجبل فلا طريق اليهم ولا متسلّق عليهم إلّا من جهة هم منها آمنون ومقداره فى الطول نحو يومين، «٢١»