البلد [٢١ ب] بقواربهم ومراسيهم وحبالهم متطوّعين فيقيّد المركب ويرسى به فى أسرع وقت بغير كلفة لأحد ولا غرامة حبّة ولا جزاء بمثقال، (١٥) وقابس «٣» مدينة منها على ستّ مراحل الى جهة القيروان وجادّة الطريق ذات مياه جارية وأشجار متهدّلة وفواكه رخيصة وبها من البربر الكثير ولهم من الزروع والضياع ما ليس مثله لمن جاورهم الى زيتون وزيت وغلّات وعليها سور يحيط به خندق ولها أسواق فى ربضها وجهاز من الصوف كثير ويعمل بها الحرير الكثير الغزير وبها جلود تدبغ بالقرظ وتعمّ أكثر المغرب فتأتى من طيب الرائحة ونعمة اللمس بمثل حال الأديم الجرشىّ وبها صدقات وزكوات وضرائب وجوال على اليهود وسائمة كثيرة ولها عامل بنفسه وهى خصبة فى أكثر أوقاتها وأهلها قليلو «١٠» الدماثة غير محظوظين من الجمال والنظافة وفيهم سلامة وفى باديتهم شرّ شمرّ ودين قذر وذلك أنّهم لا يخلون من الشراية والقول بالوعد والوعيد مع الغيلة لبنى السبيل والاعتراض على أموالهم فى الكثير والقليل والويل لمن نام بينهم والحرب على من جاورهم واستجار بهم مخالفين أكثر أيّامهم لسلطانهم مواربين فى الحقوق عليهم ولم تزل هذه العادة بهم الى أن سار منهم الكثير الى قابس «١٦» فأحرقوا ربضها وحاصروها واستباحوا أموال تجّارها وأهل الذمّة منها وأمكن الله تعالى منهم فأهلك جميع من رصدها ثمّ سار عليهم زعيم صنهاجة فجعل عشرة منهم فى كساء «١٨» ، (١٦) ومدينة سفاقس «١٩» مدينة جلّ غلّاتها الزيتون والزيت وبها منه ما ليس بغيرها مثله وكان سعره عندهم فيما سلف من الزمان بحال غيّرته الفتن فى وقتنا هذا ربّما بلغ من ستّين قفيزا بدينار الى مائة قفيز بدينار على حسب السنة وريعها وزيت مصر فى وقتنا هذا فمن ناحيتها يجلب لقلّته بالشأم، وهى ناحية على نحر البحر ولها مرسى ميّت الماء وعليها سور من حجارة وأبواب حديد منيعة وفيها محارس مبنيّة للرباط بها وأسواقها