للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم: وغيرهم وهكذا روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى في المدينة نحو هذه الصلاة وهو قول أهل المدينة وبه يقول مالك بن أنس والشافعي وأحمد واسحق انتهى "ولم يصححه فلو كان تصحيحه لحديث الصلح اعتمادا على كثير بن عبد الله لصحح حديثه في صلاة العيدين ولكنه حسن حديثه في صلاة العيد لقصور شواهده عن مرتبة الصحة" لا يخفى أنه ذكر الترمذي لحديث كثير شواهد عن ثلاثة من الصحابة وأنه عمل أهل المدينة وأنه ذهب غليه أربعة من أئمة المذاهب فهذه الشواهد حسنة وإن كنا عرفناك أنه لا يتم تحسين حديث من قيل إنه كذاب "وصحح حديثه" أي كثير "في الصلح لارتفاع شواهده إلى مرتبة الصحة".

اعلم أنه تطابق الأئمة الثلاثة الذهبي وابن كثير والمصنف على أن الترمذي صحح حديث كثير في الصلح وراجعت الترمذي فرأيت فيه ما لفظه بابا ما جاء في الصلح حدثنا الحسن بن علي الخلال ثنا أبو عامر العقدي ثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصلح جائز بين المسلين إلا صلحا حرما حلالا أو أحل حراما والمسلمون عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما" انتهى. بلفظه ولم يتبعه بحرف واحد من تصحيح ولا تحسين بل قال عقبه باب ما جاء أن اليمين على ما يصدقه صاحبه ولا نسخة التي راجعناها ظاهرة الصحة فلينظر غيرها من أراد ذلك.

ثم أنه لم يذكر الترمذي لحديث الصلح هذا شاهدا واحدا وذكر لحديث في تكبير العيد ما عرفت من الشواهد التي حسنه لأجلها وتحسينه له مع كثرة شواهده مما يدلك ذلك أنه لم يصحح حديثه في الصلح أصلا لأنه لم يأت له بشاهد وأما قول المصنف لارتفاع شواهده إلى مرتبة الصحة فقد عرفت أنه نقل المصنف ثلاثة شواهد لا يخلو واحد منها عن القدح فأيمرتبة صحة ترقي حديث الصلح يرتفع بها بل حديثه في تكبير العيد له شواهد أكثر مما سقناها من كلامه فلو صحح للشواهد لصححه لأجلها على أنه لم يمجعل حديث كثير في التكبير حسنا مطلقا بل قال إنه أحسن شيء روي في الباب على أن كلام المصنف هاهنا يناقض ما سلف له تقريبا من التصريح بأنه ضعيف بالمرة أي شديد الضعف مردود وذلك كأن يكون راويه متهما بالكذب فإن حديثه لا يعتد به ولا ترفعه الشواهد إلى درجة المقبول وسبق كلامه في كثير وأنه من أركان الكذب فتدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>