من علوم الحديث "الكلام في المجهول" أي الراوي الذي جهل عينا أو حالا والآخر قسمان "قال تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} ".
قال في الكشاف أو لم يعرفوا محمدا وصحة نسبه وحلوله في سطة هاشم وأمانته وصدقه وشهادته عقله واتسامه بأنه خير فتيان قريش والخطبة التي خطبها أبو طالب في نكاحه خديجة بنت خويلد كفى برغائها مناديا انتهى.
"وفي هذا أشارة إلى ما في فطر العقول من الشك في خبر ما لا يعرف بما لا يوجب رجحان خبره" إذ الآية سيقت مساق الإنكار عليهم لا نكارهم له عليه والسلام لعدم معرفته ومعناه تقرير معرفتهم إياه وأنه لا وجه لا نكاره وليس المراد إنكار ذاته بل إنكارهم وسالته وإخباره عن الله سبحانه كما يرشد إليه العنوان بقوله رسولهم.
"وقد تكرر في كتاب الله تعالى ذم العمل بالظن" كما قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ}[الأنعام: ١١٦]{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنّاً}[يونس: ٣٦]{إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}[يونس: ٣٦]{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ}[فصلت: ٢٣] .
"والظن في اللغة: الشك المستوي الطرفين" في القاموس الظن خلاف اليقين وهي عبارة قاضية أنه يطلق على المستوى الطريفين وعلى الظن الراجح إذ الكل خلاف اليقين "ويجب حمل الآيات" الدالة على ذم الظن "عليه" أي على مستوى الطرفين "جمعا بينها وبين الآيات التي تدل على حسن العمل بالظن الراجح".
قلت: إلا أنه لا يخفى أنه لا يتم حمملها عليه إلا بعد ثبوت أن الظن الراجح أحد ما يطلق عليه الظن لغة كما نقلناه عن القاموس وأما عبارة المصنف فهي قاضية أن الظن لغة منحصر في مستوى الطرفين فلا بد من تقدير يطلق على الشك أيضا إذ الآيات الدالة على حسن العمل بالظن كقوله: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤]