"مراتب السند الصحيح عند المحدثين" يحترز من مراتبه عند الفقهاء "اعلم أن مراتب الصحيح متفاوتة" وأن جمعها الاتصاف بالصحة "بحسب تمكن الحديث من شروط الصحة وعدم تمكنه وقد ذكر أهل علوم الحديث" أي جمهورهم "أن الصحيح ينقسم" باعتبار ما ذكر "سبعة أقسام" القسم "الأول أعلاه وهو ما اتفق على إخراجه البخاري ومسلم وهو الذي يعبر عنه أهل الحديث" الناقلون من كتابي الشيخين "بقولهم: متفق عليه" يطلقون ذلك ويعنون به اتفق البخاري ومسلم واتفاق الأئمة أيضا حاصل على ذلك لما تقدم من تلقيهم لها بالقبول كذا قاله البقاعي.
واعلم أنك قد عرفت مما أسلفناه في وجوب ترجيح البخاري أن شرطه أخص من شرط مسلم لأنه يشترط اللقاء ومسلم يكتفي بشرط المعاصرة مع إمكان اللقاء وكل من ثبت له اللقاء ثبتت له المعاصرة وليس كل ممن ثبتت له المعاصرة يثبت له اللقاء فرجح البخاري بخصوصية شرطه أي كان ذلك من المرجحات ووجود الأعم في ضمن الأخص ضروري فكل راو للبخاري قد حصل فيه شرط مسلم ضرورة وجود الأعم في الأخص وليس كل راو لمسلم يحصل فيه شرط البخاري الأخص وقد عرفناك أن هذا الشرط إنما هو فيما يروى بالعنعنة لا في غيره.
فعلى هذا يحسن أن يقال وإنه تقدم رواية البخاري على مسلم فيما يرويانه بالعنعنة لا مطلقا فقد أسلفنا لك في وجهوه الترجيح التي ذكرها ابن حجر مرجحات للبخاري مطلقا ما لا يتم به مدعاهم فتذكر هذا باعتبار
أصل شرطهما لا باعتبار ما اتفقا عليه فانضمام مسلم في روايته إلى البخاري لم يأت بزيادة تقوى رواية البخاري وإنما القوة حصلت من حيث إنه صار للحديث راويان البخاري ومسلم إذ قد اشتركا في رواية الحديث من أول رجاله إلى آخرهم ومن حيث إنه وجد في الرواية الشرط