للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحاديث ذكرها وهذه وإن كانت أسانيد مفرداتها ضعيفة فمجموعها يقوي بعض بعضا ويصير الحديث حسنا ويحتج به وسبقه إلى ذلك البيهقي وغيره ويحمل ذلك على ما ضعفه ناشي عن سوء الحفظ أو اختلاط أو تدليس مع كون رواته من أهل الصدق والديانة أما الضعف بنحو كذبه أو شذوذه فلا يجبره شيء والحاصل أن ما حسنه لذاته يحتج به مطلقا وما حسنه لغيره إن كثرت طرقه احتج به وإلا فلا وقد نقل النووي اتفاق الحفاظ على ضعف حديث من حفظ على أمتي أربعين حديثا١ مع كثرة طرقه نعم كثرة طرقه القاصرة عن جبر بعضها لبعض ترقيه عن درجة المنكر الذي لا يعمل به في الفضائل ولا غيرها إلى رتبة الضعف الذي يجوز العمل به في الفضائل إجماعا انتهى وهو كلام حسن.

واعلم أن ابن الصلاح رسم الضعيف من الحديث بقوله كل حديث لم تجتمع في صفات الصحيح ولا صفات الحديث الحسن المذكورات فيما تقدم فهو حديث ضعيف.

"وقد يرتقون" أي الضعفاء "إلى أرفع من مرتبة الضعف ولذا قالوا في ترجمة سفيان الثوير المجمع على ثقته وأمانته ونصحه لله ورسوله وللمسلمين إنه كان يدلس عن الضعفاء" في الميزان سيفان بن سعيد الثوري الحجة الثبت متفق عليه مع أنه كان يدلس عن الضعفاء ولكن له نقد وذوق ولا عبرة بقول من قال كان يدلس ويكتب عن الكذابين انتهى.

"فهؤلاء هم الضعفاء في عرف المحدثين الذي حديثهم منجبر بالشواهد ونحوها ويجب العمل به" قد عرفت أنهم جعلوا مراتب الجرح أربعا فقالوا في ثلاث منها أنه يكتب حديث أهلها للاعتبار وقالوا في الرابعة وهو من أطلقوا عليه متروك إنه لا يكتب حديثه فعلى كلام المصنف أنه لا يترك إلا من قالوا فيه كذاب ونحوه على أنه يأتي له في إطلاقهم كذاب ونحوه بحث فعلى تقريره الضعفاء ليسوا بمجاريح ولذا قال "ولو كان سفيان يدلس عن المجروحين لكان مجروحا ولما أصفق" بالصاد المهملة ففاء فقاف أي اجمع "الثقات على الاحتجاج بحديثه" وقد قال الذهبي الحجة الثبت بالاتفاق "وهم يعرفون ذلك" أي أنه لا يدلس عن المجروحين بل إنما يدلس عن الضعفاء والضعفاء ليسوا بمجاريح هذا تقرير مراد المصنف.


١ العلل المتناهية ١/١١٤. وجامع بيان العلم ١/٤٣. وابن عساكر ٢/٣٩٤. وشرف أصحاب الحديث ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>