سيأتي واضحا" ذكر ابن الصلاح كلام الأئمة في الشاذ وتعقبه ثم قال فيقول إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردوعا وإن كان لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هذا أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه انتهى فمراده هنا بالشاذ الذي لا ينجبر هو الأول من القسمين "فهذا بذلك على أن رجال الحسن مرتفعون عن مرتبة المجاهيل والضعفاء بمرة انتهى" فكلام ابن الصلاح في الشاذ دل على أن رتبة رجال الحسن ليسوا من المجاهيل ولا الضعفاء.
قلت: قد قدمنا لك أن الحسن لذاته ليس رجاله ضعفاء ولا مجاهيل والحسن لغيره في رجاله الضعفاء وغيرهم كما حققناه لك بالأمثلة والتنصيص على ذلك فالمصنف رحمه الله خلط اعتبارهم لصفات الحسن لذاته بصفات الحسن لغيره كما نبهناك عليه مرارا "وقد نصوا على ذلك في علوم الحديث فجعلوا الضعيف غير المجهول" قد قدمنا لك كلام ابن الصلاح في المجهول وأنه قسمان قال والمجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يعرفه العلماء ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد ذكر هذا عن الخطيب البغدادي إلا أنه قال ابن الصلاح: إن في رجال البخاري أحاديث عن قوم ليس لهم إلا راو واحد.
"وممن ذكره وين الدين في قسم الضعيف من التبصرة ولكن يلزم هذا من قبول المنفرد من رجال الحسن" لأنهم إذا قالوا بأن الشاذ هو من ينفرد وليس في مرتبة رجال الصحيح ولا الحسن وأنه يرد لزم أنه إذا انفرد من هو من رجال الحسن أن يقبل "ولا يجب مراعاة متابعة غيره" قلت: هذا ملتزم عندهم في الحسن لذاته فإنهم لم يعتبروا في رسمه إلا خفة ضبط رواته كما عرفت فإنهم قالوا فإن خف الضبط فالحسن لذاته وبكثرة طرق يصح فلم يجعلوا متابعة غيره له إلا شرطا لصحته لا لحسنه وأما الحسن لغيره فقد عرفناك مرارا أنه لا يصير حسنا إلا بمتابعة غيره "وهذا لازم على قواعد الفقهاء والأصوليين ودفع هذا من المحدثين غير جيد والله أعلم".
قلت: قد عرفناك غير مرة أن المحدثين لا يدفعون هذا ولا أدري كيف التبس على المصنف مع إمامته في كل فن.
"قال ابن الصلاح: وهذه الجملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث فاعلم ذلك فإنه