النحو وحينئذ فقد شرط أبو داود الصحة في كتابه لأن قوله صالح بمعنى صحيح كما أرشد إليه وقوله بعضها أي بعض الأحاديث التي سكت عنها وسماها صالحة أصح من بعض فدل أنه أراد بصالح صحيح وأراد بالصحة المعنى الأعم الشامل للحسن كما أن مسلما أراده في تسمية كتابه بالصحيح هذا تقرير مراد أبي الفتح والتحقيق في البحث قدمناه قريبا وأبو الفتح سوى في هذا الكلام بين مسلم وسنن أبي داود.
"قال: زين الدين" في شرح ألفيته بعد نقله لكلام أبي الفتح "والجواب" أي عن أبي الفتح في إلزامه لابن الصلاح "أن مسلما التزم الصحة في كتابه فليس لنا أن نحكم على حديث خرجه أنه حسن عنده" أي عند مسلم قلت: لا يخفى أنه إنما ألزم ابن الصلاح أن يسمي ما سكت عنه أبو داود صحيحا لا أن يسمى ما أخرجه مسلم صحيحا فتأمل "لما تقدم من قصور الحسن عن الصحيح" فكيف يحكم على حديث في كتابه بالحسن بعد تصريحه باشتراطه صحة ما يخرجه نعم قول مسلم ليس كل الصحيح نجده عند مالك وقوله فاحتاج إلى أن ينزل إلى مثل حديث ليث بن أبي سليم بعد التزامه الصحة يدل على أن في كتابه الصحيح والأصح وإن كان قوله كل الصحيح يفهم أن بعض الصحيح عند ليث مثلا وأن كلا من الفريقين من مالك ومن ذكر معه وليث ومن ذكر معه أحاديثهم مستوية في الصحة لكن سياق كلامه يأبى هذا المفهوم "وأبو داود قال إنما سكت عنه فهو صالح والصالح قد يكون صحيحا وقد يكون حسنا" قلت: يعني إذا حمل كلامه على أن مراده صالح للاحتجاج كما هو حمل زين الدين لا إذا حمل على الأعم من ذلك كما عرفت "عند من يرى الحسن رتبة دون الصحيح" قيد لقوله وقد يكون حسنا ولم ينقل لنا عن أبي داود هل يقول بذلك أو يرى ما ليس بضعيف صحيحا ولا يثبت الحسن "فكان الاحتياط أن لا يرتفع ما سكت عنه إلى الصحة حتى يعلم أن رأيه هو الثاني ويحتاج إلى نقل" وهو أنه يرى ما ليس بضعيف صحيحا.
قال الحافظ ابن حجر بعد نقل جواب شيخه على أبي الفتح وقد أجاب الحافظ صلاح الدين العلائي عن كلام أبي الفتح بجواب أمتن من هذا فقال ما نصه هذا الذي قال ضعيف وقول ابن الصلاح أقوى لأن درجات الصحيح إذا تفاوتت فلا نعني بالحسن إلا الدرجة الدنيا منها والدرجة الدنيا لم يخرج مسلم منها شيئا في الأصول إنما يخرجها في المتابعات والشواهد انتهى.