وإلا فلفظ كان لا يفيد الاستمرار إلا إذا كان خبرها مضارعا لا مطلق كان "فقد يطلق على التكرار اليسير الذي لا يحصل معه الظن" أي ظن اطلاعه صلى الله عليه وسلم وتقريره ولا يخفى أن الأصل في كان يفعل الدلالة على الاستمرار وقد يخرج عنه للقرينة كما تفيده عبارة المصنف حيث قال فقد تطلق وأتى بقد ظاهر كلامه أن المراد استمرار القرع والحديث إنما سيق لبيان أنها كانت عادتهم قرعه بالأظافير في إتيانهم إليه صلى الله عليه وسلم ولا تعرض فيه لكثرة القرع نفسه أو قلت: هـ بل إنما يكون بحسب الحاجة حتى يسمع بقرعة أو أكثر "مع أن الحديث صحيح المعنى لمن أراد أن يحتج به على مثل ذلك" أي على جواز قرع أبواب المسلمين من غير إذن منهم لكن لا يخفى أنه لا يتم الاحتجاج إلا مع علمه صلى الله عليه وسلم وتقريره ولا حجة في مجرد فعلهم وأما قوله "لموافقته" أي الحديث المذكور "لإجماع المسلمين المعلوم والله أعلم" فهو خروج إلى الاستدلال بالإجماع في عصره ولا إجماع فيه وكأه يريد أنه معلوم أن أهل المدينة كانوا يقرعون الأبواب بعضهم على بعض وعلمه صلى الله عليه وسلم بذلك معلوم وتقريره معلوم فهو رجوع إلى الاستدلال بتقريره صلى الله عليه وسلم بالإجماع.
"قلت: وقد ذكر بعض أصحابنا" تقدم عن المنصور وصاحب الجوهرة أنهما يقولان "إن قول الصحابي كنا نفعل ظاهر في دعوى الإجماع أيضا" أي كما هو الظاهر في الرفع "وذكره في الجوهرة وغيرها لأنه يقتضى بمفهومه أنهم فعلوا ذلك كلهم أو فعله بعضهم على وجه يعلمه الباقون ولم ينكروا" فكان إجماعا سكوتيا "وليس" ما قالاه "بجيد لأن هذه العبارة قد تطلق كثيرا إذا فعل ذلك كثير منهم" أو فعله بعضهم على وجه يظهر "وسكت الباقون وغن سكتوا عن غير علم بذلك" ولا يكون إجماعا سكوتيا إلا إذا علموا ومن أين يعلم أن كل واحد علم ذلك وقد قدمنا قريبا من هذا وبحثنا في حجية الإجماع السكوتي في الدراية حاشية الغاية بما يضمحل به القول بأنه حجة.
"وأما إذا قال الصحابي أوجب علينا أو حضر" بالبناء المجهول "أو نحوها" كأبيح لنا "فلم يذكرها أهل الحديث" وقد قدمنا ذكرها "وذكرها أصحابنا في خواص الصحابة وقالوا إنها تحمل على الرفع إلا أن المنصور بالله شرط في ذلك أن يكون مما لا مساغ للاجتهاد فيها حكاه عنه في الجوهرة" وإن كان الظاهر أنه مرفوع والاجتهاد احتمال مرجوح.