للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأحاديث وتسقيمها بقول لو اضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لا ماتته ولا إخمال ذكر قائله وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه إلى أن قال وزعم القائل الذي افتتحنا الكلام عن الحكاية عن قوله والأخبار عن سوء رويته أن كل إسناد بحديث فيه عن فلان وقد أحاط العلم بأنهما قد كانا في عصر واحد وجائز أن يكون الحديث الذي روى الراوي عمن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به غير أنا لا نعلم له منه سماعا ولم نجد في شيء من الروايات أنهما التقيا قط أو تشافها بحديث أن الحجة عنده لا تقوم بحديث جاء هذا المجيء حتى يكون عنده العلم أنهما اجتمعا من دهرهما مرة فصاعدا أو تشافها بالحديث بينهما أو يرد خبر فيه بيان اجتماعهما أو تلاقيهما مرة في دهرهما فما فوقها ثم قال وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد قول مخترع مستحدث غير مسبوق صاحبه إليه ولا مساعد له من أهل العلم عليه وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم والأخبار والروايات قديما وحديثا أن كل رجل ثقة راو عن مثله وجائز ممكن لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وإن لم يأت خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية به ثابتة والحجة بها لازمة إلا أن تكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه ولم يسمع منه شيئا وأما والأمر مبهم على ما فسرنا فالرواية على السماع أبدا انتهى وقد طال في التهجين على من شرط اللقاء.

قال النووي في شرحه وقد أنكر المحققون ما ذهب إليه مسلم وقالوا إنه ضعيف والذي رده هو الصحيح المختار الذي عليه أئمة هذا الفن علي بن المديني والبخاري وغيرهما.

قلت: ومن هنا تعرف أن الخلاف بين البخاري ومسلم في شرطية اللقاء وعدمه إنما هو في الحديث المعنعن فاكتفي مسلم بإمكان اللقاء وإنه لا يقول الثقة عن فلان إلا وقد لاقاه وإن لم نعلم ملاقاته إياه والبخاري يقول إنه لا بد من تحقق اللقاء ولو مرة وقد أورد عليه مسلم إيرادات وأطال الكلام ثم لا يعزب عنك أنه قد سبق ترجيح البخاري على مسلم بأنه يشترط اللقاء ومسلم يكتفي بإمكانه ومشترط التحقيق أولى من مشترط الإمكان ولا يخفى أن هذا شرط في مسألة من مسائل طرق الرواية هي رواية العنعنة والرواية في الصحيحين بها قليلة فلا يتم ترجيح جميع ما في

<<  <  ج: ص:  >  >>