للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفظ سفيان وشعبة في مقابل عدد الآخرين مع أن الشافعي يقول العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد فتبين أن ترجيح البخاري وصل هذا الحديث على إرساله لم يكن لمجرد أن الواصل معه زيادة ليست مع المرسل بل بما ظهر من قرائن الترجيح ويزيد ذلك ظهورا تقديمه للإرسال في مواضع أخرى.

مثاله: ما رواه الثوري عن محمد بن أبي بكر بن حزم عن عبد الملك بن ابن أبي بكر هو ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أم سلمة قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم: قال لها: "إن شئت سبعت لك" ١ ورواه مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال لأم سلمة قال البخاري في تاريخه٢ الصواب قول مالك مع إرساله فصوب الإرسال هنا لقرينة ظهرت له وصوب الوصل هناك لقرينة ظهرت له فتبين أنه ليس له عمل مطرد في ذلك.

"القول الثاني" من الأربعة "أن الحكم لمن أرسل حكاه الخطيب٣ عن أكثر أصحاب الحديث" لم يذكر دليله أيضا وقد عرفت دليله من كلام ابن الحاجب والعضد وجوابه.

"القول الثالث" من الأربعة "أن الحكم للأكثر" فإن كان من أرسله أكثر ممن وصله فالحكم للإرسال والعكس ولم يذكر الدليل أيضا وكأنه يقول إن الظن يدور مع الكثرة.

"القول الرابع: أن الحكم للأحفظ" قيل وليسا بشيء لأن مرجع ذلك إلى الترجيح ولا يدفع الريبة لأن الشك في أحد المتقابلين شك في الآخر والشك لا يعمل به وفاقا.

"والذين قالوا إن الحكم للأكثر أو للأحفظ اختلفوا هل تكون مخالفة الأكثر والتحفظ قدحا في عدالته" أي عدالة راوي الزيادة "كما أنها قدح في روايته" عند من ردها "فيه قولان: أصحها: أنها لا تقدح في عدالته" لأن الفرض أنه ثقة فروايته مقبولة وإن لم يروها غيره فهذه الأولى من مسألتي التعارض.

والثانية قوله "وإذا اختلفا" أي الراويان أو الخبران "في الوقف والرفع فهي مثل هذه


١ مالك في: النكاح: حديث ١٤. ومسلم في: الرضاع: حديث ٤١, ٤٢, وأحمد ٦/٢٩٢.
٢ ١/٤٧.
٣ الكفاية ص ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>