"ثم حكى" ابن الصلاح "الخلاف فيمن عرف بهذا هل يرد حديثه مطلقا أو ما لم يصرح فيه بالاتصال وفيه أقوال" ثلاثة:
"أحدها: أنه يرد مطلقا وإن صرح بالسماع لأنه مجروح حكاه ابن الصلاح عن فريق من أهل الحديث والفقهاء" وحكاه عبد الوهاب في الملخص فقال التدليس جرح ومن ثبت أنه يدلس لا يقبل حديثه مطلقا قال وهو الظاهر على أصول مالك.
"و" ثانيها: "قيل: إن صرح بالسماع قبل" كقوله سمعت وحدثنا وأنبأنا قيل "وهو الصحيح وإن لم يصرح به فعن النووي لا يقبل اتفاقا قال الزين" وقد حكاه البيهقي في المدخل عن الشافعي وسائر أهل العلم بالحديث وحكاية الاتفاق هنا غلط "وهو محمول على اتفاق من لا يقبل المرسل" انتهى.
فقول المصنف قال زين الدين: وهو محمول على اتفاق لا يقبل المرسل هو أحد الاحتمالين في كلام الزين ثم "قال الزين واعلم أن ابن عبد البر قد حكى عن أئمة الحديث" كأن المراد بهم غير الفريق الذين ردوه مطلقا "أنهم قالوا يقبل تدليس ابن عيينة لأنه إذا وقف أحال على ابن جريح ومعمر ونظرائهما وهذا ما رجحه ابن حبان وقال هذا شيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن" ولذا قيل أما الإمام ابن عيينة فقد اغتفروا تدليسه من غير رد "ولا يكاد يوجد لابن عيينة خبر دلس فيه إلا وقد بين سماعه عن ثقة مثل بقية" بالموحدة والقاف وتحتية وهكذا في شرح الزين على الألفية وهو بقية بن الوليد ولست أدري ما مراد ابن حبان إن كان هذا لفظه هل هو مثال للثقة المدلس عنه كما هو ظاهر السياق بل لا يحتمل سواه فإن كان كذلك فبقية هو بن الوليد أبو محمد الحميري الحافظ أحد الأعلام قال ابن المبارك صدوق لكن يكتب عمن أقبل وأدبر وقال النسائي إذا قال حدثنا وأخبرنا فهو ثقة وقال بعضهم كان مدلسا فإذا قال عن فليس بحجة وقال ابن حبان سمع عن مالك وشعبة أحاديث مستقيمة ثم سمع عن أقوام كاذبين عن شعبة ومالك فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء وقال أبو حاتم لا يحتج به قلت: هذا كلام أبي حاتم وأبن حبان فيه فكيف يتم هاهنا مثالا للثقة والحجة وقال أبو مسهر أحاديث بقية ليست نقية فكن منها على تقية وأطال الذهبي في ترجمته بمثل هذا فكيف يجعل مثالا للثقة والعجب من الزين نقل كلام ابن حبان