"قال زين الدين: وقد يكون الحامل على ذلك كون المروي عنه صغيرا في السن أو تأخرت وفاته وشاركه فيه من هو دونه وقد يكون الحامل إيهام كثرة الشيوخ قلت: وهذا مقصد يلوح على صاحبه بمحبته الثناء وشوب الإخلاص" إذا إيهام كثرة الشيوخ دال على محبته لمدحه بكثرة ملاقاة من أخذ عنه وهمته ورغبته "مع أن له محملا صالحا إذا تؤمل وهو أن يكون كثير الشيوخ أجل قدرا مع من لا يميزوهم الأكثرون فيكون ذلك داعيا لهم إلى الأخذ عن الراوي وذلك" أي الإيهام لكثرة الشيوخ ليأخذ عنه الناس "يشتمل على قربة عظيمة وهي إشاعة الأخبار النبوية".
"قال زين الدين: وممن اشتهر بالقسم الثاني: من التدليس" وهو تدليس الشيوخ "أبو بكر الخطيب" فقد "كان لهجابه في تصانيفه" قال الحافظ ابن حجر ينبغي أن يكون الخطيب قدوة في ذلك وأن يستدل بفعله على جوازه فإنه إنما يعمى على غير أهل الفن وأما أهله فلا يخفى ذلك عليهم لمعرفتهم بالتراجم ولم يكن الخطيب يفعل ذلك إيهاما الكثرة فإنه مكثر من الشيوخ والمرويات والناس بعده عيال عليه وإنما يفعل ذلك تفننا في العبارة.
"قال زين الدين: ولم يذكر ابن الصلاح حكم من عرف بهذا النوع من التدليس" مع ذكره لحكم من دلس تدليس الإسناد كما عرفته قال زين الدين: "وقد جزم ابن الصباغ في العدة بأن من فعل ذلك لكون من روى عنه غير ثقة عند الناس" أي إذا كان الحامل له على تدليسه ذلك "وإنما أراد أن يغير اسمه ليقبلوا خبره يجب" خبر من فقل ذلك "أن لا يقبل خبره وإن كان هو" أي المدلس "يعتقد فيه" أي فيمن دلسه "الثقة فقط غلط في ذلك لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لا يعرفه قلت: وفي هذا" الذي جزم به ابن الصباغ "نظرا لأنه إما أن يغير اسمه إلى اسم ثقة آخر محتج به مع أن الذي دلسه ثقة" عنده "محتج به فليس فيه إلا أن يتضمن تعديلا غير مبين السبب لرجل مبهم غير معين وهو ذلك المدلس" أي الذي طوى ذكره ووضع اسم الثقة موضع اسمه فكأنه قال حدثني الثقة وهذا تعديل إجمالي.
"فأما الإجمالي في التعديل فالصحيح في الأصول وعلوم الحديث أنه يكفي لتعسر ذكر أسباب العدالة كما يأتي" من أنه يقبل التعديل الإجمالي. "وأما توثيق الرجل المبهم فالصحيح الذي عليه العمل جوازه" وذلك "لأن المتأخرين قد اتفقوا على العمل بما حكم بصحته الأئمة من غير بحث عن الإسناد" كما قدمنا تحقيقه.